رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل الواحد والأربعون إلى الخامس والأربعون_

موقع أيام نيوز

بما يحتاجه وسرعان ما كانت تغمض عينيها من خزيها لا تصدق إنها سعت للزواج من أجل اسباب لا تفسر إلا شيئا واحدا إنها امرأة ضعيفة.. وضعت حالها في مكانه مهينة
 فوقتي متأخر يا جنات وكأنك مكنتيش أنت
لم تلاحظ من شدة شرودها أحمس الذي وقف يهتف اسمها بعدما عبر الطريق بعد أن شعر باليأس من انتباهها عليه
 جنات لا ده أنت في عالم تاني
طالعته في دهشة من أمرها لا تصدق أن شرودها وصل بها لهذه الحالة فابتسمت نحوه بتوتر تسأله
 أنت واقف من بدري
 من بدري ده أنا مستنيكي بقالي نص ساعه... وكل ده ليه عشان الست صباح مش هتدخلني البيت غير بيك..
التمعت عينين جنات وقد تجاهلت جميع المشاعر السلبية التي أصبحت تشعر بها
 عملتلي الحمام المحشي اللي بحبه
ابتسم أحمس وهو يجاورها في السير يخبرها عن الأصناف التي صنعتها لها والدته فصفقت بيدها متحمسه
 كفايه يا أحمس الريحة وصلت خلاص لمناخيري وبطني بدأت تطالبني بأحقيتها
فضحك أحمس بملء شدقتيه واكملوا سيرهم نحو السيارة الصغيرة المصطفة جوار الطريق وقد كانت لها قبل أن تعطيها لأحمس مؤقت حتى يوصل الحلوى التي تصنعها والدته لزبائنها
 هقدم علي موتوسيكل بالتقسيط
هتف بها أحمس وهو يقود السيارة فطالعته بنظرات متسائلة
 أنت محتاجاها دلوقتي يا جنات في الأول اقنعتيني أنك خلاص هتتجوزي واحد يقدر يشتري ليك عربية بديله
استمعت لعبارته تتذكر كيف حاولت اقناع حالها ومن حولها أن زيجتها من كاظم النعماني لها فوائد كثيرة أسهم ستمتلكها في مشروعه الجديد.. بدلا عن الأرض التي تشارك فيها والدها قديما مع والد كاظم وعيشة في منزل ضخم وحياة تحلم بها الكثيرات.. 
اردف أحمس ساخرا بعدما وجدها تلتف برأسها وتطالع الطريق
 والباشا بصراحه مقصرش عيشك عيشة مكنتيش تحلمي بيها
تمالكت دموعها وانفرجت شفتيها في ضحكة قوية تخفي خلفها بؤسها وحماقتها
 بتحب كاظم اوي يا أحمس
امتقع وجه أحمس من سيرته يهتف بمقت
 أنا لحد دلوقتي مش عارف عقلك كان فين يا جنات
واستطردت بحديثه وهو مازال يركز بعينيه نحو الطريق وقد ازداد حنقه من نتائج هذه الزيجة التي اتضح فشلها منذ البداية
 جنات اللي الكل بيثق في رجاحة عقلها تسعي ورا راجل وتقبل علي نفسها تكون لا شئ.. عشان هدف مش مقنع
 بتجلدني ذاتيا يا أحمس
تمتمت عبارتها بمزاح مصطنع حتى لا تجعله ينتبه على حزنها ولكن أحمس لم يكن تركيزه معها وقد اخذ الڠضب يحتل قسمات ملامحه وهو يواصل القيادة
 حتي فتون دخلت دايرة مش بتاعتها وكل ده عشان إيه عشان الحب ولا الفلوس نفسي افهم عقلكم كان فين
انتظرته حتي يفرغ كل ما يعتلي صدره فاردف مستاء يبحث عن جواب يقنعه 
 ليه واحده لسا في بدايه عمرها تتجوز راجل كان متجوز قبلها ومخلف طفله.. ليه تعيش مع راجل عايزها تكون زي سيدات المجتمع عشان تليق بمستواه 
ارتفع حاجبي جنات في دهشة وقد علمت سبب حنقه الأن
 بلاش توقع نفسك في طريق مش ليك مع فتون يا أحمس سليم النجار لو للحظة شك في مشاعرك من ناحيتها.. انسى أن يكون ليك مستقبل في مهنتك.. بسببه أنت حطيت رجلك علي بداية الطريق
توقف أخيرا بالسيارة أمام أحد محلات البقالة و التي تتعامل معهم والدته في صنع اطباق الحلوى المغلفة و الأرز بالحليب وقد علقت عيناه بعينين جنات التي طالعته بأسي
 فتون بتحب سليم يا أحمس
تفهم حديثها ولكنه أبي أن يعترف به.. فهتف بمرارة حقيقية
 أو يمكن تكون بتحب الحياة اللي عيشها فيها 
 بلاش توهم نفسك يا أحمس لسا المستقبل قدامك طويل وهتكتشف بعدين إن مشاعرك ناحيتها غلط
تمني ذلك داخله وغارد من السيارة حتى يتمم مع البائع طلبيته 
......
زفر عنتر أنفاسه المعبأة بدخان سيجارته ضجرا من انتظاره الذي طال فمنذ ثلاث ساعات وهو ينتظر داخل السياره بعدما غادر المنزل بعد أن طردته تلك السيدة الهوجاء وذلك العجوز
 كله يهون عشانك يا جميل تستهلي إني استحمل شوية
وقضم فوق شفتيه وقد عاد خياله يخيل له بعض اللقطات التي يتوق لها بشدة جسده
 بنت الإيه احلوت واتدورت
و فاق من أفكاره أخيرا وقد التقطت عيناه السيارة القادمه نحو بوابة المنزل فاندفع خارج السيارة ثم القى عقب سيجارته أرضا ودهسها بقدمه واتجه بخطواته نحو هدفه.. فلن يظل في السيارة كل هذا الوقت ويعود خالي الوفاض
هتف اسمه عاليا وهو يقترب من سيارته التي توقفت أمام البوابه و تقدم منه يبتسم إليه بسماجة بعدما خرج جسار من سيارته هو الأخر
 عايز إيه يا عنتر مش في محضر تعهد وقعت عليه ولا تحب نروح القسم سوا
تفاجأ عنتر من حديثه الھجومي قبل أن يهتف بشئ فتمتم وهو يهندم لياقة سترته
 طيب اعرف نيتي الأول يا جسار باشا ولا هتعمل زي اللي مشغلهم عندك حقيقي المقابله مكنتش لطيفة خالص وتزعل
امتقعت ملامح جسار وهو يستمع إليه فاقترب منه بجمود يعيد سؤاله مجددا
 عايز إيه يا عنتر وبلاش تزعلني منك.. واعرف إني عامل حساب لوالدك الراجل الطيب لحد دلوقتي
 عايزها يا باشا
تجمدت عينين جسار نحوه وسرعان ما كان عنتر يتلاشى ردة فعله متمتما
 عايز اتجوزها يا باشا ولا الجواز حرام 
..........
شعرت بالخجل من تصرفات اشقاءها خاصة علي طاولة الطعام التي أعدها الخدم بالكثير من الأصناف.. سليم رجل منظم يعشق النظام والهدوء ولكن اشقاءها الصغار كانوا أبعد عن صوره الأطفال اللذين اعتاد سليم علي رؤيتهم..
طالعته بنظرات خائڤة ولكن وجدته يطالع والديها مبتسما حتى ان والدها الذي عاتبه في البدايه لعدم الوفاء بكلمته ومجيئه لبلدتهم الريفيه وعمل عرس صغير لأبنته أمام الأهل والأقارب حتى يفتخر به ولكن العتاب تلاشي من بضعة كلمات استطاع فيهم سليم إرضاء والدها..
 والله يا بني أنا محروج منك دول مش عيال دول قرود
ابتسم سليم وهو يرمق الصغار وخجل الفتيات الأكبر سنا من تصرفات اشقاءهم فهم يتحملون عبئ مسئوليتهم وعلي ما يبدو أن زوجته قديما كانت تعاني الأمر مثلهن.. الأم تنجب والأكبر سنا يربي ويطعم
 ربنا يبارك يا حاج عبدالحميد حقيقي نورتوا البيت.. لو كنت اعرف أنكم جاين كنت بعت ليكم عربيه بسوق
فضحك الحاج عبدالحميد وهو ينظر لصغاره
 ده احنا عايزين أتوبيس يا بني
ابتسم سليم وهو ينظر نحو حماته التي أنشغلت في تهدأت ذلك الطفل ضعيف الجسد
 هو ماله في حاجة تعباه
وهنا قد علقت عينين السيدة عبله به تخبره عن حالة صغيرها وعن عملية القلب التي يحتاجها ففلذة كبدها لديه ثقب بالقلب وقد أتوا العاصمه اليوم من أجل زيارة احد الأطباء في احد المستشفيات الحكومية... 
شعرت فتون بالصدمه وهي تستمع للأمر لأول مرة تنهض من فوق مقعدها متسائله
 أنا أزاي معرفش حاجة زي ديه
طالعتها السيدة عبلة وقد شعرت بفداحة ما فعلت بعدما رمقها زوجها بنظرة قوية فالرجل فتح له محل الأعلاف الخاص بالمواشي بعد أن رفض أن يعيش بعائلته في مزرعته ويعمل بها ويأكل من خيراتها تكفل بمصاريف تعليم أولاده وفي توفير منزل آدمي إليهم وفرشه باثاث أصبح اهل القرية يحسدونهم عليه
 ازاي يا حاج عبدالحميد متقولش ليا حاجة زي ديه
اطرق الرجل رأسه في خزي كحال السيدة عبلة
 كفايه عليك اللي بتعمله معانا يا بني
تحولت جلسة الطعام لعتاب ولكن كل شئ قد تم حله بمجرد مكالمة وقف يجريها
تم نسخ الرابط