رواية أنا لها شمس بقلم روز أمين

موقع أيام نيوز

اقول لكم إنكم تسمعوا كلامي
أطلق الجميع ضحكاتهم على خفيفة الظل ثم حملت إيثار غربال الصغير وجاورها فؤاد بعدما حمل غربال صغيرته التي استطاعت الإستحواذ على عقله والتف من حولهما الأطفال يحملون الشموع المشټعلة مرددين الاغانى الجميلة التى توارثناها عن الأجداد
حلقاتك برجالاتك حلقة دهب فى وداناتكو يارب يا ربنا تكبر وتبقى زينا 
ثم أمسكت عزة وعاء مملوء بالملح وأخذت تلقيه فى جميع أركان المنزل كما جرت العادة
حمل علام الصغير وبات يتطلع عليه بنظرات حنون تحمل أمل البقاء والإستمرارية الذي تجدد بحضور ذاك الملاكوكأنه أتى إلى الدنيا ليزرع الأمل داخل قلب جده
وبنهاية اليوم وبعدما رحل الجميع أخرج علام ورقة وقدمها إلى فؤاد قائلا 
ده تنازل مني عن حصتي في كل أسهم شركات الزين 
اتسعت أعين فؤاد لينطق بنبرة رافضة 
أنا مقدر فرحة سعادتك بولادة زين وتاج يا باشالكن أكيد مش هقبل العرض ده وأظلم أختي
رفع علام حاجبه مستنكرا تفكير نجله لينطق بكلمات ثابتة 
ومين جاب سيرة ظلم فريالأنا قبل ما أكون أب فأنا قاضييعني يد الله في تحقيق العدالة على الأرض يا سيادة المستشار 
واسترسل بإبانة 
أنا كتبت ل أختك حصتها من الشركات وكنت هكتب للدكتورة هي كمان لكن رفضت وتنازلت عنهم ل زين وتاج
وتابع لايضاح فكرته من ذاك القرار 
أنا حبيت أجمع كل أسهمنا في إيدك علشان تاخد منصب رئيس مجلس الإدارة والمالك الأكبر من أسهم الشركةأنا عاوزك تكبر إسم الزين واولادك يكملوا المسيرة يا فؤاد
واسترسل غامزا وهو يربت على كتفه 
عاوزين صفقة جامدة زي صفقة زين وتاج في أقرب وقت يا سيادة المستشار
للدرجة دي مستغني عني يا باشا...قالها بضحك ليطالعه بنظرات هادئة وهو يتابع
الحمدلله على كده يا باشاربنا يبارك لنا فيهم ويخلي لي إيثار ومش عاوز حاجة تاني من الدنيا. 
بعد مرور أربعة سنوات
أمام أحد المباني شاهقة الإرتفاع بوجهتها الزجاجيةتوقفت سيارة فارهة تدل على رفاهية من يستقلها تسبقها سيارة دفع رباعي سوداء ترجل منها ثلاثة رجال ذو أجساد ضخمة وعضلات بارزة تدل على مدى قوتهم البدنيةأسرعوا ليحاوطوا تلك السيارة الفارهة حيث ترجل من الباب المقابل للسائق ضابطا للحراسات الخاصة كان قد عينه زوجها ومعه بعض رجال الحراسة المدربون بأعلى مستوى ليقومون بحراستها وتأمين حياتها من ألا يصيبها أي مكروه من ذاك الذي مازال هاربا خارج البلادبات الضابط يمشط المكان بعينيه بينما أسرع سائق السيارة لفتح الباب الخلفي لتترجل منها تلك التي أصبحت عضوا هاما وبارزا في شركاتالزينبل أصبح اسمها يتردد كثيرا في سوق الأعمال لما أحرزته من تقدم في عملها التي استلمته من علام شخصيا
وضعت قدميها في الأرض وارتدت نظارتها الشمسية لترفع رأسها تتطلع بشموخ لذاك المبنيحاوطها الرجال أخذين وضع الإستعداد ليتحركوا سريعا خلف تلك الشامخة التي تتحرك بقوة وثبات باتجاه بوابة الشركةكانت ترتدي بدلة نسائية رائعة المظهر بلونها البيج يعتلي رأسها حجابا من نفس اللون بدرجة أغمقسار بجوارها ذاك الضابط حيث سألها باحترام 
حضرتك هتخلص شغل زي كل يوم يا افندم ولا هتتأخري زي إمبارح
نطقت وهي تتحرك للأمام قاصدة وجهتها 
إمبارح كان يوم إستثنائي يا صفوتكان لازم أجهز أوراق الصفقة الجديدة وأشرف على الترتيبات بنفسي
سألها صفوت من جديد 
جنابك مش
هتخرجي بدري علشان ترتيبات عيد ميلاد يوسف
نطقت بثبات إمرأة ناجحة 
لو هخرج أكيد هنبهك يا صفوت
تحدث الرجل على استحياء بعدما شعر بضجرها من كلماته 
أنا أسف سعادتكأكيد مش قصدي على مصراعيها فور اقترابها 
أنا فاهمة ده كويس يا صفوت
واسترسلت بإبانة
ومش متضايقة بالعكسأنا طول عمري بحب النظام في كل حياتي
ثم اعتدلت لتقابلة وهي تتابع 
بس تقدر تقول إني مبحبش كتر الكلام في بداية اليومربنا خلقني كده
فهمت سعادتك... قالها الرجل وهو يشيح بنظره أرضا كما يفعل دائما خشية إثارة ڠضب ذاك الغيور عاشق زوجتهأومأت له وتحركت باتجاه المصعد الكهربائي ورافقها صفوت ورجل الحراسة المسؤول عن حمله للحقيبة الخاصة بأوراق العملأوصلاها لحيث مقر مكتبها ورحل كلا منهما لوجهتهسألتها السكرتيرة الخاصة
أجيب لحضرتك القهوة يا افندم 
أجابتها بنبرة جادة
هاتي لي الأول ملف الصفقة الجديدة بالكاملوابعتي لي الموظف المسؤول عن التعاملات البنكية مباشرة
اومأت الفتاة برأسها لتنطق وهي تعود للخلف 
تحت أمرك إيثار هانم
قالت كلماتها وتحركت للخارجبعد قليلكانت منكبة على الأوراق التي أمامها تراجعها بتمعن ودقة أثناء تناولها كوب قهوتها الساخنةاستمعت لدقات خفيفة فوق الباب لتنطق ومازالت على وضعيتها 
إدخل
ولجت السكرتيرة تتحرك بخطوات ثابتة قبل أن تنطق بنبرة جادة
باشمهندس بسام الزين برة وعاوز يقابل حضرتك يا افندم
تنهدت لعلمها سبب مجيأة لتنطق وهي تنظر للأوراق تراجعها بتمعن
خليه يتفضل
تحركت السكرتيرة إلى الباب وأشارت بكفها بابتسامة خاڤتة 
مدام إيثار في انتظار حضرتك يا باشمهندس
ولج بخطوات واسعة ومن صوت قوة حذائه التي دكت الارض أيقنت غضبه لترفع رأسها تعدل بأصابعها من وضعية نظارتها الطبية لينطق هو بصوت جاهد أن يخرج هادئا مع رسمه لابتسامة لزجة 
صباح الخير يا أستاذة 
أراحت ظهرها للخلف لتنطق بابتسامة مشابهة لابتسامته المصطنعة 
صباح النور يا باشمهندسإتفضل حضرتك 
نطقتها وهي تشير بكفها إلى المقعد المقابل لمكتبها وتابعت وهي تتوجه بحديثها إلى السكرتيرة 
قهوة الباشمهندس بسرعة لو سمحتي يا ليلى
أوقفها بإشارة حادة من كف يده لينطق بصوت خشن علمت من نبرته أنه غاضب 
مفيش داعيأنا مش هطولورايا شغل كتير لازم يخلص النهاردة
مالت برأسها قليلا لتشير للموظفة بالخروج لتفعل على الفورتوجهت له لتنطق بصوت هادئ 
إتفضل يا باشمهندسأنا سامعة حضرتك
أخذ نفسا عميقا ثم زفره كي يطرد شعور الڠضب من داخله وألا يحتد عليها ويضع حاله أمام ذاك الشرس الذي لا يسمح لأي شخص مهما كان مجرد التعدي بحدة الكلمات على زوجته 
ممكن أفهم حضرتك أخدتي ملف الصفقة الأخيرة ليه!
أجابته مختصرة 
براجع البنود بتاعته
سألها بحدة اظهرت مدى سخطه 
بأي صفة يا أستاذةدي وظيفتي وأنا المسؤول هنا عن مراجعة عقود الصفقات وإتمامها
نطقت بقوة وثبات أربكه 
وأنا مفوضة من رئيس مجلس الإدارة بإدارة شؤون الشركةواظن حضرتك عارف إنه مديني صلاحيات أتابع بيها العمل فيما يخدم الشركة ومصالحنا
سألها بنظرات ڼارية 
يعني
حضرتك بتستغلي منصب جوزك وبتستغلي إنه بقى مالك الحصة الاكبر من أسهم الشركة بعد عمي علام ما اتنازل له عن الأصول بتاعته!
عدلت من وضعية نظارتها لتنطق بقوة وثبات لم يأتيا من فراغ 
ياريت يا باشمهندس تتكلم معايا على إني المدير المالي المسؤول عن الشركةوأظن مش من المهنية إن حضرتك تخلط ما بين العلاقات العائلية والشغل
وتابعت قاصدة إظهار عدم مهنيته 
يعني مينفعش تذكر مصطلحات زي جوزك وعمي والكلام ده وإحنا بنتكلم في أمور تخص العمل
استشاط داخله من تلك المرأة الحديدية مثلما أطلق عليها جميع من يعمل بالشركة لقوة تحملها للعمل الشاق وثباتها في اتخاذ القرارات الحاسمة لما لها من صلاحيات قد فوضها لها فؤاد لثقته الهائلة بها كموظفة قبل أن تكون زوجة صالحةلينطق بكلمات بذل مجهودا شاق كي يخرجها هادئة
أولا أنا أسفيمكن خاني التعبير بس ده لا يمنع إني بتكلم في الحقحضرتك يا أستاذة تعديتي على اختصاصاتي وأنا من حقي أقدم إعتراضي
حقك طبعابس ده لما يكون تعدي على وظيفتك بجدأنا بباشر صلاحياتي وده يسأل عنه مدير مجلس الإدارة مش أنا...كلمات نطقتها بحكمة لتكمل بنبرة عملية
على العموم أنا هبلغ فؤاد بيه وهطلب منه يأمر بإجتماع عاجل يوضح فيه النقاط اللي مضايقة حضرتكولما سيادته يحدد الميعاد الإدارة هتبلغك
ارتبك لعدم رغبته بالتصادم مع فؤاد وذلك لصرامته فيما يخص العملف أراد أن يتلاشى المواجهة معه وتحدث وهو يحاول تلطيف الوضع
مفيش داعي تشغلي فؤاد باشا معاناكان الله في عونه
واسترسل مبررا بترقيته التي لم يمر عليها سوى بضعة أسابيع
أكيد مسؤليته تضاعفت بعد الترقية الاخيرة 
أوكزي ما حضرتك تحب...قالتها بثبات وهي تنظر إليه بتفحص لينتفض واقفا وهو يقول 
هروح أتابع شغلي وأسف إني أخدت من وقتك
وقفت باحترام لتنطق بثبات وهدوء 
نورت يا باشمهندس.
تحرك سريعا مغادرا مكتبها وبداخله براكين من الڠضب يكظمها عنوة عنهأمسك مقود الباب واداره ليجد ذاك ال أيهم يقف مع السكرتيرة وعلى ما يبدو أنه جاء لمقابلة شقيقتهتحدث بسام 
إليه سواه 
يا وقعتك السودة يا أيهمليلة الخميس إنضربت خلاص
رمقته بنظرات كالړصاص صوب باب مكتب شقيقته 
تعالي دخليه بنفسك يا أميرةأنا كمان داخل ل إيثار
معنديش وقت أضيعه في الضحك والكلام الفارغ يا حضرة المحاسب المحترم...رمت بكلماتها اللاذعة بجانب نظراتها الحادة وانطلقت كالسهم لتعود لمقر مكتبها بقلب ېحترق من لوعة الغيرة على من يعشقه القلبلوى فاهه ليبتسم ببلاهة لتلك التي تطالعه بملامح وجه بدا عليها التضامن والمؤازرة فيما سيناله من تلك الشرسة عاشقة زوجها لينطق بملاطفة 
إنت كويسة يا لولا
بمشاكسة ردت تلك ال ليلى 
مش مهم أنا يا أستاذ أيهمالمهم انت اللي تكون كويس
هز رأسه بطريقة ساخرة لتشير هي إلى الباب قائلة 
ثواني هدخل الملف للهانم وابلغها إنك عاوز تقابلها
بعد قليل خرجت وتوجه هو ليلج إلى شقيقته فوجدها تتطلع على كومة من الاوراق ليتحدث بنبرة جادة 
بسام الزين طالع شايط من عندك ليه 
رفعت رأسها تطالعه قبل أن ترد مستنكرة 
جنابه مش عاجبه طريقة شغلي وبيتهمني إني بتعدى على اختصاصاته
جلس بالمقعد لينطق متخوفا 
أنا قولت لك من الأول بلاش تستفزيه وتدخلي في الامور اللي تخص منصبه
احتدت ملامحها لتعلن عن ڠضبها وهي تنطق بنبرة جادة 
مفيش حاجة إسمها أمور تخص منصبهده مال ولادي وجوزي مأمني عليهوالبيه بيتعامل كأنه المالك الرئيسي والوحيد للشركات ويا عالم بيهبب إيه من ورانافكان لازم أحجم صلاحياته واستخدم صلاحياتي اللي أدهالي فؤاد بحكم منصبيوخصوصا إنه كان مانع الموظفين يدوني أي أوراق خاصة بالصفقات
بكلمات يحكمها العقل والمنطق نطق أيهم 
بس كده ممكن يحطك في دماغهوأحمد الزيني ممكن معاملته ليك تتغيربالعقل كده أكيد مش هيسيب إبنه وينضم لفريقك ضده
يوريني أخر ما عنده...جملة بها تحدي نطقتها قاصدة أحمد لتتابع بجدية
ولو باشمهندس أحمد الزين هيكون فريق ضدي لمجرد إن بسام إبنه يبقى هيخسر كتير قوي
واسترسلت بنبرة شرسة 
لأنه هيلاقي معاملة وإيثار مختلفة كليا عن إيثار اللي كانت بتعامله بلطف واحترام
رفع حاجبه باعجاب لينطق 
بقيتي قوية لدرجة يتخاف منك يا إيثار
أجابته باقتضاب 
محدش بېخاف غير اللي ماشي غلط يا أيهم
وافقها الرأي لتنطق بعدما قررت تغيير مجرى الحديث 
متنساش بكرة تجيب أميرة وساندي وتيجو بدري علشان عيد الميلاد هيبدأ الساعة أربعة العصر إن شاءالله
ابتسم وتذكر طفلته ذات الثلاثة أعوام عادت من عملها لتجد الجراثيم لتنطق بكلمات ساخرة 
أنا شايفة إن حضرتك تجيبي لهم صندوق من البلور وتحطيهم جواه وإحنا نشاور لهم من برة البلور
رمقتها حانقة لتتابع ابنتها 
مش معقول يا ماما اللي بتعمليه ده
هتفت عصمت
بارتياب يعود لشدة خۏفها على الصغار 
براحة لتبتسم لها قائلة 
حمدالله على السلامة يا حبيبتي 
أطلقت فريال ضحكاتها وهي تقول 
الوقت بس تقدر تقول لك حمدالله على السلامة
وتقول وهي تدللها 
الندلة اللي مش
بتسأل في مامي وقاعدة في حضڼ نانا
عوضا من أن ټحتضنها الصغيرة سألتها باعتراض ظهر جليا على ملامحها 
فين بابيليه مش جه 
أجابتها وهي تقبل وجنتها الوردية بشغف فقد اتخذت ملامح جدتها عصمت وكأنها نسختها الصغيرة مما زاد من عشق علام وفؤاد لتلك الصغيرة التي خطفت لبهما 
لسه الساعة إتنين يا حبيبتيبابي هيوصل النهاردة الساعة خمسة علشان عنده شغل كتير
أنزلت الصغيرة التي سكنت أحضان جدتها من جديد لتسترسل باستئذان 
أنا هطلع أخد شاور وأطمن على يوسف
واسترسلت بنبرة هادئة 
متعملوش حسابي في الغداأنا هستنى فؤاد لما يرجع
ضيقت عصمت بين حاجبيها وهي تقول 
بس فؤاد مش هيرجع قبل الساعة خمسة يا إيثاركده الغدا هيبقى عشا
ولو قعدت لبكرة بردوا هستناه...قالتها باصرار نال استحسان عصمت وطمأنها على نجلها في حين نطقت فريال بمشاكسة لزوجة شقيقها التي أصبحت صديقتها المقربة 
قولي إنك عاوزة تنفردي بالباشا وتحولوا الغدا لعشاء رومانسي على ضوء الشموع
رفعت قامتها للأعلى وهي تقول 
وهنكر ليهجوزي وحبيبي وأتمنى أعيش عمره كله في قربه
ابتسامة عريضة ظهرت على ثغر عصمت بانتشاء لتنسحب الاخرى إلى الاعلىصعدت الدرج لمنتصفه لتتفاجئ بظهور عزة التي تهبط من الأعلىعلى الفور ارتسمت على وجهها الابتسامة وهي ترحب بها 
حمدالله على السلامة يا ست الكلجهزت لك الحمام زي ما بلغتيني في التليفون من شوية واسترسلت بملاطفة 
حطيت لك فيه من الزيوت اللي بتفك الجسم وتنعنشه
ابتسمت الأخرى لتجيبها 
ربنا يخليك ليا يا عزة
واسترسلت بجدية 
يوسف في أوضته 
أجابتها باستفاضة 
أيوا فوقلسه باص المدرسة واصل من شويةسبته كان داخل ياخد الشاور بتاعه على ما الغدا يجهز
تمامأنا كمان هاخد شاور وأروح له أوضته يكون خلص...قالتها لتغمز لها عزة وهي تقول 
أنا خليت البت وداد تجهز لك اوضة الزاكوزي زي ما أمرتيوحضرت لك الشيكولاتة والفاكهة اللي قولتي عليهاهو أحنا عندنا أغلى من الباشا علشان ندلعه
ردت لها الغمزة وهي تقول بابتسامة عريضة 
برافوا عليك يا عزة
تركتها وصعدت سريعا قبل أن تفتح تلك الثرثارة بمواضيعها التي لا تنتهي أخذت حماما ثم ارتدت ثيابها واتجهت صوب غرفة نجلها الغاليوجدته يقف أمام مرآة الزينة يقوم بتمشيط شعرهتطلعت عليه بسعادة فقد أصبح نجلها رجلا صغيرا حيث سيكمل غدا عامه الثاني عشرفقد زاد طولا حتى أنه تخطاها وأصبحت تتطلع للأعلى حتى تنظر بعيناهواشتد عوده نظرا لكثرة التماربن التي يتلقاها على يد المدرب الخاص به وأيضا ممارسته للسباحةنطقت وهي تفتح ذراعيها لاستقباله
إيه الشياكة دي كلها يا باشمهندس بالراحة على قلوب البنات
تطلع على صورتها بانعكاس المرآة بملامح وجه معترضة قبل أن ينطق 
قولت لحضرتك مليون مره قبل كده إني هكون وكيل نيابة زي جدو علام وبابامش فاهم إيه إصرارك بإنك تناديني بالباشمهندس
لقد أصبح يلقب فؤاد ب بأبي مثل أخويه عندما كان بالتاسعة من عمره وبدأ أخويه ينطقان ويطلقان بابا على فؤاد فاعتاد هو الأخر من باب التعودوحدث الامر رغما عنه فبالاخير هو ابن التاسعة من عمرة ويظل طفلا تقبل فؤاد الأمر بل وسعد به بينما هي تحسست من ذاك الوضع لكنها لم تفصح عنهوالأن ينشطر قلبها للمرة اللا معلوم عددها حين تستمع من صغيرها الإعتراض على مهنة المهندس التي حاولت ومازالت جاهدة بزرع الفكرة في عقله منذ الصغر لكنه مصرا على أن يلتحق بكلية الحقوق كي يمتهن مهنة القاضي تشبها بما يناديه ب أبيفؤاد وقدوته علام زين الدينحيث يراهما قدوته الحسنة ويريد التشبه بكلاهما
هو يعلم أن فؤاد ليس بأبيه الحقيقي ولا علام ب جدا لهلكنه تأقلم على وجودهما بحياته وشعر بكيانه معهما ولم يعد يسأل عن أهله بعدما تلقى على عدة حجج من والدته جعلته يغلق الباب على ذاك الأمر برمته
كيف لها أن تبلغه أنه لا يمكنه الالتحاق بسلك القضاء نظرا لتاريخ عائلته الإجرامي والذي يتعارض مع شروط الدخول لذاك العالم النزيةيزداد
الأمر سوءا مع كل يوم تتأخر هي بإخباره عن حقيقة أمر عائلته لكنها لم تستطعفالأمر شبه مستحيل لديهاكيف لها أن تهدم عزيمة نجلها وتقتل شغفه بالمستقبل التي تراه بعينيهوبالرغم من إصرار فؤاد وعلام والضغط عليها بعدم إخفاء الامر عليه إلا أنها أغلقت باب النقاش نهائيا وأبلغتهم بأنها ستبلغه في الوقت الذي ستراه مناسبا من وجهة نظرهافما كان منهما سوى 
طول عمري وأنا فخورة بيك من غير حاجة يا حبيبي
لتسأله بشغف ولهفة
بس مفيش مانع إنك تقولي على اللي مخليك فرحان كده علشان افتخر بيك أكتر
أجابها بصوت حماسي وأشعة لامعة تخرج من مقلتيه الصافية وهو يقول 
النهاردة اكتشفت نظرية في الرياضيات وبلغت المستر بيها فرح بيا جدا بس قال لي إنها للمخترع فيثاغورس وإني هاخدها في ثانوي عام إن شاءالله بس المستر فرح بيا جدا وقال لي إن اللي يوصل بدماغه للنظرية دي وهو في سني مش بعيد يوصل لنظريات تانية مش موجودة
سعدت لذاك الحماس الذي يكتسي صوته ويظهر جليا بعينيه لتحتضنه وتثنى عليهثم زعلانة يا قلب فؤاد من جوه
بدأت تمرر أناملها فوق ذقن والدها لتنطق بدلال يليق بابنة فؤاد وحفيدة علام زين الدين 
علشان إنت قولت لي بالليل إنك هترجع على طول من الشغل وتزرع معايا أنا وجدو الوردة بتاعتي 
بمداعبة نطق وهو يداعب وجنتيها بأصابعه 
يا خلاثي يا ناس على اللي زعلان ومادد بوزه اللي عاوز يتقطع من البوس ده
تدللت لينطق علام بنبرة عاتبة 
مش أنا قولت لك تعالي نزرعها وإنت اللي رفضتي
رفعت كتفيها بغرور لتكمل 
بس أنا عاوزة بابي هو اللي يزرعها معايا
تحدثت عصمت بمشاكسة 
متتعبش نفسك يا علامدي بنت أبوها بحت
إحنا ملناش غير زين حبيب قلب نانا وجدو 
ضحك الصغير بسعادة لتنطق إيثار 
ريحي نفسك يا ماما دي متعرفش في البيت كله غير فؤاد وبس
نطقت الصغيرة بمفاخرة 
أنا مش بحب غير بابيعلشان أنا تاج فؤادبابي بيقولي إني تاج فؤاد وحبيبته
تحدث إليها علام بملاطفة 
طب إبقى شوفي مين بقى اللي هيلعب معاك وبابي حبيبك في الشغل
بابي هيقعد من واضحة وهي تقول
إبعدي يا ماميبابي مش بيحب الوشوشة غير من تاج وبس
هزت رأسها لتنطق باستسلام
البنت بتعاملني على إني إلى الحديقة واقترب من الباب الخاص بحجرة الچاكوزي وقام
طبعا يا طنط 
ابتعدت قليلا بنجلها لتسأله وهي تتطلع على تلك الحزينة 
إنت متخانق مع بيسان يا چو
هتف بنبرة حادة أظهرت دكدهأكيد عملت لها حاجة زعلتها
هتف على عجالة وهو يرمق تلك التي تطالعه بعينين حزينتين 
والله حضرتك ممكن تروحي تسأليها هي وتشوفي ردها
أنا بسألك إنت يا يوسف...قالتها بصرامة ليزفر ثم قرر المصارحة 
الأستاذة فاكرة إني من ضمن ممتلكاتها وعاوزة تتحكم فيا وكل شوية تحط لي ليستة ممنوعاتمتكلمش دي ولا تقرب من دي
واسترسل بنبرة أظهرت كم شعوره بالاختناق من اسلوب تحكمها به 
دي وصلت إنها بتدخل في فريق السباحة اللي بتدرب معاهم تخيلي مش عوزاني أتكلم مع البنات المشتركة معايا في الفريق ! 
واسترسل موضحا 
شافتني إمبارح وأنا واقف مع أيلا زميلتي في الفريق والبنت كانت بتسألني عن حاجة خاصة في الدراسةجت عليا وسمعتني كلام سخيف جدا ومش مقبولوبتهددني يا اقطع علاقتي بالبنت دي يا أقطع علاقتي
بيها هي 
واسترسل تحت اهتمام والدته واستماعها لشكواه 
قولت لها انا مش هقطع علاقتي بحد ومش هسمح لأي مخلوق إنه يتحكم فياقالت لي يبقى أنت اللي اخترت ومن وقتها وهي بعيد وبتتجنب أي مكان أكون أنا فيه
ليتابع الفتى باعتزاز بنفسه 
مهما كنت بعزها أو مهما كانت قريبة من قلبي ده ما يديهاش الحق هي أو غيرها إنه يتحكم فيا ويمشيني على كيفهأنا عندي كرامة وليا كياني ومش هسمح لأي مخلوق إنه يتحكم في قراراتي
كادت أن تتحدث قاطعها اقبال فؤاد عليهم وحديثه إلى يوسف وهو يمسد على كتفه بحنان 
كل سنة وإنت طيب يا حبيبي 
ابتسامة سعيدة ارتسمت فوق محياه لينطق بصوت حماسي 
وحضرتك طيب يا بابا
مش عاوز تشوف هديتك...قالها بابتسامة سعيدة لينطق الفتى بلباقة 
من قبل ما أشوفها أكيد هتبقى بيرفيكتوكفاية إنها ذوق حضرتك وإختيارك يا باشا
نظر إلى زوجته لينطق بتفاخر 
إنت سامعة اللي أنا سامعه يا إيثارإبني كبر وبيتكلم ولا رجال السلك الدبلوماسي
تربيتك يا باشا...قالتها إيثار بحبور ظهر بعينيها ليبتسم لها كلاهما باستحسان لكلماتهامد فؤاد يده بعلبة وناولها للفتى وقال 
افتحها وشوف بنفسك
نزع الفتى الغطاء عن العلبة لينبهر ويحدق بعينيه وهو يرى أمامه تلك الساعة الشبابية ذو الماركة العالمية التي أصبحت حديث الشباب مؤخرا ولم تنزل الأسواق المصرية بعدأيعقل أنه إهتم به لتلك الدرجةيا لك من رائع أيها ال فؤادفقد علم من بيسان قبل عشرة أيام حين سألها عن أكثر شئ سيسعد قلب
يوسف وأبلغته عن تلك الساعة التي شغلت باله مؤخرا وكان يريد التحدث إلى أمه بأمرهافبعث إلى الخارج وقام بشراءها ليفاجئ الفتى بها وقد حدث بالفعلفقد سعد الشاب لدرجة جعلت قلبه كاد أن يقفز من مكانه وهو يحتضن فؤاد ويقول 
معقولة يا بابا حضرتك جبت لي الساعة اللي كان نفسي فيها
كل سنة وإنت طيب يا حبيبي... قالها فؤاد 
كل سنة وإنت طيب يا حبيبي
وأخرج من بين جيبه ورقة وأعطاها له قائلا 
الشركة
سأل فؤاد ضابط الأمن المكلف بحراسة القصر
كشفتوا على الطرد يا اسماعيل 
رد الرجل باستفاضة 
كشفنا عليه بالجهاز ولقيناه أمن يا باشا
أشار للرجل قائلا 
إفتح الصندوق
كانت تقف بجوار الباب تستمع وتشاهد لما يجري دون أن يلاحظ وجودهاتحدث الرجل باعتراض 
ده مش شغلي يا افندمأنا مهمتي أسلم الطرد شاءالله.
 

تم نسخ الرابط