رواية صړخة على الطريق بقلم ډفنا عمر

موقع أيام نيوز

بهذه البساطة.. لم تفعلها قبلا مع أحد تاريخها كله لا يحوي موعد غرامي واحد مع أحدهم.. دائما صارمة حازمة لا تلين بقول أو فعل.. مهلا مهلا.. هل قالت موعد غرامي كيف تطرق عقلها لهذا الخاطر دون غيره حتما تبالغ هو مجرد لقاء عادي مع شخص عادي وسينتهي نهاية عادية.
استقام جسدها بثبات مستجمعة كل شجاعتها وتقدمت إليه وصوت أفكارها ينعتها بالكذب. 
اللقاء وصاحبه ابدا ليس عاديا.
نهض وانفرجت من شفتيه ابتسامة حانية راصدا اقترابها المرتبك رغم محاولتها الثبات فابتسم داخله وتأثيره عليها يزيد من ثقته الرجولية ويشي بمعاني يطوق قلبه لتصديقها.. وإلى الآن لا يدري كيف عرض عليها هذا اللقاء وقرر كشف ماضيه لها..ترى حين تعلم ستتغير معه سيقل قدره بعيناها 
_ السلام عليكم. 
ألقت تحيتها المقتضبة مقاطعة أفكاره فرد قائلا 
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضلي. 
تنحنحت قبل أن تهتف معلش اتأخرت عشان.
_ مش مهم. مهما اتأخرتي كنت هستناكي ياشمس..
يا ويلها من كلماته التي تكاد تشق قشرة ثباتها بقوة مازالوا بالدقيقة الأولي وها هو يوجه أولى سهامه گ محارب مخضرم..هل حقا يمثل مجيئها تلك الأهميته لديه
_ تشربي ايه 
قالها وهو يسحب لها مقعدا بفعل مهذب لتجلس عليه فقالت وهي تأخذ مكانها قبالته ليمون بالنعناع.. 
طلب ما قالت مع فنجان قهوة له وانتظر أن يأتيه ثم

هم ببدء حديث في تلك الأثناء قائلا عاملة ايه 
_ الحمد لله.. 
_ أنا بشكرك انك جيتي تقابليني يا شمس ده معناه انك فعلا بقيتي تثقي فيا.. 
حاولت أن تتحدث بهدوء خافية توترها أنت شغال معانا من حوالي سنة يا جسار واكيد دي فترة كافية اني أشكل عنك فكرة منصفة عن الأولي.. مع استغرابي طبعا انك اتحولت من النقيض للنقيض.. أنا صحيح هاجمتك قبل كده بس لما جت فرصه عدت تقيمك تاني عشان مبقاش ظالماك لأني محبش بشكل عام اظلم أي حد..
ابتسم تلك الابتسامة الرجولية الجذابة والتزم الصمت وهو يتأملها لتعلوا وتيرة توترها ثانيا فينقذها حضور النادل واضعا مشروبهما فوق الطاولة.. 
أشار لها لتتناوله بينما ارتشف القليل من قهوته ثم أخذ نفسا عميق وزفره قائلا بصوت بدت نبرته عميقة كمن يطلق عنان مشاعر مكبوتة داخله 
_ طول عمري كان جوايا حاجة تعباني ومسببالي شعور بالنقص وخلل وفراغ في حياتي هو السبب الرئيسي اني كنت بعمل علاقات كتير في الماضي.. كأني كنت بحاول ألهي عقلي عن التفكير والأسئلة اللي كل يوم بتزيد.. ليه بابا مش بيحبي ليه ملامحي مخصماه ومش طالعة شبهه ولا حتى شبه ماما أو أخويا وليه ماما عمرها ما أخدتني في حضنها وحكت ليا حكاية عشان انام على صوتها زي أي طفل مع أمه ليه مش بتدعيلي زي ما بتدعي لاخويا رائف.. ليه هي كمان بحسها مش بتحبني وليه دايما عايزين يكونوا بعيد عني ليه وليه وألف ليه كانت بتصرخ في عقلي كل يوم ومفيش إجابات لأسئلتي..الوحيد اللي حبني بجد هو جدي نادر اللي برضو مفيش بيني وبين ملامحه أي شبه دوامة حيرتي كانت بتبلعني كل يوم عن التاني وتخنقني.. حاولت أهرب بشكل تاني.. نجحت واجتهدت في شغلي وفعلا قدرت الاقي نفسي في حاجة اكتشفت اني بارع فيها..متعة غريبة ماتساويش كنوز الدنيا لما بسمع دعوة مظلوم رجعتله حقه..دعوات بتعوضني اللي اتمنيته من اقرب الناس ليا.. أو اللي افتكرتهم أقرب ما ليا.
بدأ حديثه يغزوا كل حواسها وانتباهها وهي تنصت له باهتمام شديد مستنتجة أشياء بين السطور تخاف مجرد توقعها فضلا عن تصديقها ليواصل جسار بوحه العميق واللا محدود لها 
_ أخر مرة وانا بستقبل ماما وبابا في المطار ابتديت اتأكد من ظني وبابا بيمنع ماما تقرب مني وتسلم عليا حتي لو عمري ما شوفت منها حنينة. بس يكفي اني عارف انها أمي اللي مشتاق ليها لكن قصاد لهفتي ناحيتهم مالقيتش غير برود وجمود من بابا وماما حيرني في امرهم اكتر وقتها أخدت قرار اني لازم اعرف إجابات شافية لأسئلتي تريحني..بس ماكنتش اعرف إن الجواب اللي بدور عليه هيكون خناجر ترشق في قلبي وروحي باپشع طريقة وانا بسمع امي بتصرخ في جدي وتقوله مش هسمح واحد لقيناه في الشارع يقاسم ابني في الميراث.
هنا أنهمرت من مقلتي شمس دمعة هاربة من حدود عيناها عندما وصل بسرده لتلك النقطة المفجعة كما توقعتها تماما..مسكين.. كيف تحمل صدمة گ هذه لا ريب انه هاج وحطم كل ما طالته يداه لكنه لم يفعل.. هذا ما عاد يقصه لها جسار وهو يخبرها عن هدوء انسحابه من بينهم ومن حياتهم ذاتها زاهدا بالترف والبذخ الذي كان يحيا ويتنعم به.. 
ولم ينسى ذكر خيبة أمله بفقد أثر والديه بعد أن حاول شرطي قريب لصديق رائف التقصي عن الحاډث ولم يثمر البحث سوي أن أصوله مصرية ولا شيء أخر..كما أخبرها كيف أتي العم أمين ذاك اليوم وعرض عليه العمل معه بأكثر أوقاته حاجة لبداية ومعنى جديد لحياته.
ختم حديثه معها
تم نسخ الرابط