رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم
المحتويات
ظهري وأنا أمره
إذا أرسلني إليه
اعترض على مطلبي بحذر
لكن سيدتي
رفعت إصبعي هاتفة في حزم
هذا أمر
لم يتجادل معي كثيرا نادى على أحد أتباعه أملى عليه أوامري فتقدم في خطواته ليذهب بي إلى حيث يتواجد فيجو فقد بت متحفزة للغاية لمداهمته پغضبي المكبوت
بعد بضعة دقائق كنت قد انتقلت إلى حيث تطل غرف المكتب العلوية على ما يحدث بالأسفل من خلال الواجهات الزجاجية ذات المرايا العاكسة أوقفني واحد من ضخام الچثة قبل أن أصل إلى الباب رافعا يده أمام وجهي واستطرد هاتفا بصوته الأجش
هدرت به أمره بصوت محتقن
افسح عن طريقي
ظل مرابطا كالأسد وهو يكلمني بجدية
غير مسموح سيدتي
لم أحبذ اللجوء لاستخدام أداة ټهديدي الآن لكني أرغمت على هذا أمام محاولة منعه فتحت حقيبتي وألقيتها أرضا
تفضلي
كالثور الهائج اندفعت بكامل ڠضبي نحو الباب لأفتحه صحت في تحفز شديد
فيجو!
كيف تسمح بحدوث ذلك
لم ينهض فيجو من ترأسه لطاولة الاجتماعات كان هادئا بل في غاية الهدوء متسلحا ببروده المغيظ ذاك الذي يستثير الأعصاب ويستفزها دون أن يفعل شيئا نظر ناحيتي بتفرس طابعه المتوحش كان أوضح ما يكون عليه في نظراته المصوبة إلي شبك كفيه معا وقال
جاء الحارس من خلفي مبررا
عذرا على المقاطعة أيها الزعيم لكن خشيت أن تتهور
اكتفى فيجو بالإشارة إليه
بنظرة صارمة من عينه ليرحل قبل أن يوجه كلامه لمن يجلسون
حوله
سنكمل اجتماعنا لاحقا
نهضوا تباعا وهم يوزعون هذه النظرات المستنكرة ناحيتي وأنا أبادلهم نظرات كارهة متأففة حتى لم يعد بالغرفة سوانا
اعطيني ذلك
لا
دفع مقعده للخلف وحذرني وهو يدنو مني بخطوات ثابتة
لا تتسببي في أي حماقة به
فمن الأفضل ألا تقترب
مط فمه معقبا
حسنا
واصلت الارتداد للخلف فكف عن التقدم ناحيتي طالعني بنظرة فاحصة ثم وضع يديه في جيبي بنطاله بدا شامخا في وقفته لا يهاب أحدا ظل على هدوئه اللعېن وسألني ببرود
هل هدأت حتى نتكلم
لم أقل شيئا فتساءل وكامل نظراته مثبتة علي
بقدر ما كان يثير الحنق في نفسي إلا أني كنت أهاب طريقته الهادئة بشكل ما كانت تنطوي على تخطيط سريع خلالها يسعى لتقييم الموقف والتصرف في التو أبقيت على مسافة فاصلة بيننا تحسبا لأي خطوة غادرة منه فمثله لا يستهان بتفكيره الجهنمي زويت ما بين حاجبي وصحت أخبره مباشرة
آن حامل!
تقوس فمه قليلا وعلق بلا تغيير في تعابير وجهه
جيد
تصاعدت بي وتيرة الڠضب فهدرت أسأله بصوت مستشاط
حقا أليس الحمل والإنجاب محظورا في العائلة
حرك كتفيه في غير اكتراث وعلق
طالما يرغب لوكاس في طفل فما المانع
بلغت عنان ڠضبي من كلماته فاندفعت ناحيته ورفعت عيني إليه وصحت به بأنفاس منفعلة
أنت تثير چنوني بتصريحك ذلك ألم تخبرني أنه إذا حملت فلن يكتمل
أخرج فيجو يده من جيبه وتلمس بأصابعه جانب ذراعي مردفا بلؤم
نحن نتحدث عن شقيقتك وليس عنك فلا خوف عليها إذا
أحسست بخفقة تعصف بي وهو يسألني ذلك السؤال المباشر
أم أنك كذلك
أؤديه نال مني الإحباط لفشلي وامتزج بنفاد صبري فكورت قبضتي الأخرى وأخذت أسدد له اللكمات في صدره بكل ما عصبية حتى فرغت قواي عندئذ أمسك بي من معصمي معا شدني إليه متسائلا
هل بذلك هدأت
هتفت في غيظ ما زال محتدما
سألني مستفهما
لماذا زوجتي الحبيبة هل لأني تغيبت عنك بضعة أيام تثورين هكذا
رددت منفعلة
ومن قال أني أفتقدك
ألست كذلك
رمقني بنظرة حانية تعجبت منها بعدما أزاح القبعة عن رأسي قبل أن يضيف
هكذا أفضل
سرت نوبات الڠضب في أوصالي كطوفان جامح فصررت على أسناني أصيح به
ابتعد
أخبرني في نبرة خفيضة مشوقة
سأعود الليلة للبيت فانتظريني
قلت برفض معاند
وأنا غير متفرغة
ابتسم في عذوبة وهو يتساءل بشك
حقا
رددت بعناد أكبر
نعم
سنرى بشأن هذا لاحقا
بغير انفعال رددت محتجة
لا تأتي
قال بتصميم
بل سأفعل
تراجع مبتسما ليضع كفيه على جانبي ذراعي قائلا
أنت بحاجة للاسترخاء
أمسك برسغي يفركهما بأصابعه وتابع
لتذهبي عند السيدة كاميلا لبعض الوقت أظن أنها تقيم مأدبة غداء اليوم
حافظ على هذه البسمة الصغيرة على ثغره وهو يضيف
تحتاجين للترويح عن نفسك
هززت رأسي موافقة فقال مؤكدا
أما بشأن مخاوفك من حمل شقيقتك فثقي أن لوكاس أكثر الناس سعادة بهذا الأمر
للغرابة
وجدتني أصدق كلماته نادى على أحد رجاله ليأتي فامتثل له بانصياع تام
ما الأمر أيها الزعيم
أخبره بوضوح
أعد السيارات فزوجتي
ستذهب عند السيدة كاميلا
أومأ برأسه قائلا
سمعا وطاعة
أشار لي لأنهض فقمت بإرهاق من موضعي شعرت وقتها بنوع من الدوار عززت أسبابه لوقوفي المباغت فتأرجحت خطواتي في التو أقبل علي فيجو يسألني بقلق
هل أنت بخير
بدا وجهه ضبابيا مشوشا فحاولت التماسك ومقاومة إعيائي الغريب سألني في توجس أكبر
كيف تشعرين
أجبت عليه وأنا أحاول الاستقامة
سأكون بخير
سألني وهو يسحبني من يدي ليجلسني مرة ثانية في مكاني
هل تناولت شيئا
فركت جبيني وجاوبته
لا
صاح بي في نبرة خشنة
أأنت حمقاء
انتقل من جواري نحو مكتبه رفع سماعة الهاتف وخاطب أحدهم بلهجته الآمرة
استدعي الطبيب مارتي واحضر لي طعاما ملائما
اعترضت من مكاني بعبوس
ليس لي شهية
رمقني بهذه النظرة الحادة قبل أن يخابر من على الهاتف
تعجل
وضع السماعة في مكانها وعاد إلي ليجلس إلى جواري احتواني بنظراته المهتمة ليشرع بعدها في توبيخي بالمستهلك من العبارات فصممت أذني عنها ظل ماكثا معي وشاركني الطعام بدت هذه اللحظات رغم قصرها لطيفة وهانئة إلى أن جاء الطبيب مارتي فتحول للطبع الجامد المحافظ نهض من جواري ليفسح له المجال حتى يقوم بفحصي تعجبت من سحبه لعينة من دمائي تأوهت من الوخزة وسألته
ما الداعي لهذه الإبرة
أجاب الطبيب بهدوء
أنت لا تبدين بخير
نظرت إليه بغير اقتناع فأكمل
ربما أحد الأدوية سبب لك أعراضا جانبية
وجهت حينها بصري إلى فيجو ولومته بنوع من المزاح الثقيل
لم أعرف المړض إلا في بيتك زوجي العزيز
رفع حاجبه مرددا باستنكار
حقا
أكدت له بنظرة ذات مغزى
ألست من جعلني أقبل على تناول الدواء
استأذن الطبيب بالذهاب بعد انتهاء مهمته وشعوره بالحرج فهمهمت في تهكم
يبدو أني سأصبح مچنونة قريبا
جلس فيجو على مسند الأريكة متسائلا في نبرة هازئة
أتقولين أني من أقودك للجنون
لم أحبذ الدخول في جدال معه فقلت وأنا أهب واقفة
لا يهم سأذهب
نهض بدوره واعترض طريقي قائلا
لا داعي من الأفضل أن ترتاحي
تجاوزته هاتفة بتصميم
أنا بخير الآن كما أني بحاجة لذلك
سبقني في خطواتي ليقف قبالتي نظرت إليه بتحير فوجدته يمرر راحتيه على جانبي ذراعي مغمغما في اهتمام لا يمكن إنكاره
لا تجهدي نفسك
اكتفيت بهز رأسي وودعته متجهة نحو الباب لكن قبل أن أضع
يدي على مقبض الباب وأغادر أعاق سيري وأرسل من عينيه نظرة احتوت على الكثير من المشاعر المهمة وقتئذ ناظرته بتحير وتساءلت
ما الأمر الآن
أسبل عينيه ناحيتي ليأسرني بنظراته الساهمة لم أعد أشعر بشيء سوى فيض مشاعره الجياشة وقتئذ وجدته يعترف لي بصوت هامس وبلا توقع
ريانا اشتقت لك كثيرا !!
يتبع الجديد
الفصل الخامس والثلاثون الأخير
شعرت بقوة المحبة الطاغية تجتاحني وحلقت بوجداني إلى ما وراء الوراء كأني سافرت إلى فضاء بعيد كنت أهيم عشقا في نظراته أسبح ابتهاجا مع ابتساماته العذبة آملت أن حلمي البسيط تحقق أخيرا لكن قساوة الحياة سلبتني اللحظة المميزة لم أكن قد استفقت بعد من غيبوبة المشاعر الحسية العميقة حتى وجدت فيجو قد تحول للنقيض إنسان آلي صلد متحجر القلب وغير لين الطباع تركني وأنا بحاجة لضمته أبعدني عنه ليلبي نداء عمله غير مبال بحالتي النفسية المحطمة
عندئذ فرت دمعة حبيسة من طرفي فما اعترف به وأنا في قمة استسلامي قد قيل على سبيل التسلية واللهو واللعب بمشاعري المرهفة هو فعل ذلك باحترافية مدروسة لئلا أضجره بكآبتي الزائدة عن الحد وأفسد عليه نهاره خاصة مع تعليمات الطبيب بالبعد عن الضغوط النفسية الموترة للأعصاب شعرت بضړب من الاستياء العميق يصيب دواخلي وأدركت من جديد أنه لن يتغير فهو لا ينتمي لفئة المؤمنين بالحب أو أي شيء له صلة بالأحاسيس والعواطف وما كان بيننا من انسجام واتفاق انقضى حيث عاد إلى ما كان عليه من الجدية والجمود
جففت وجنتي بحركة سريعة من إصبعي قبل أن يلاحظ السائق حزني ورغم اختبائي خلف نظارتي القاتمة إلا أني شعرت بسهولة اكتشاف ما أمر به من ضيق وتعاسة الټفت أنظر إليه عندما تكلم في الهاتف
سنصل بعد قليل اتبعنا
سألته بعد نحنحة سريعة
ما الأمر
أبعد الهاتف عن أذنه ونظر إلى انعكاس وجهي عبر المرآة ثم أخبرني في نبرة رسمية
لا تقلقي سيدتي أنا أعلم أفراد الحراسة بمسارنا
منحته هزة من رأسي وأنا أرد
حسنا
تابعت الطريق من زاويتي بنظرات شبه شاردة كذلك ظللت فاقدة للتركيز معظم الوقت حتى وأنا مدعوة كضيفة استثنائية في حفل غداء السيدة كاميلا الصاخب اتخذت الصمت رفيقا بقيت هادئة شاردة تطرأ على ملامحي علامات العناء دنت مني صاحبة المكان تسألني في اهتمام
هل أنت بخير
رفعت نظري إليها وقلت بابتسامة منمقة
نعم
تأملتني بغير اقتناع لم تكن لتتركني أمضي دون أن تحصل على ما يشبع فضولها جلست إلى جواري بالحديقة وأردفت في مكر كأنما بهذا تحاول سبر أغواري
تبدو عليك التعاسة
ادعيت كڈبا لأهرب من حصارها السخيف
أشتاق لعائلتي ولموطني
تنهدت مليا وأبدت تعاطفا زائفا وهي تخبرني
كلنا مثلك تمر علينا لحظات لهفة وحنين
أتبعت ذلك بمسحة رقيقة على كفي براحة يدها فابتسمت مجاملة وأرحت ظهري للخلف لأغوص في المقعد وأنا بالكاد أناضل لأبقى متجاوبة مع من حولي فقد تمكن الإنهاك من جسدي وجعلني شبه خاملة ربما كان من الأفضل أن أعود إلى القصر بدلا من التجول هنا وهناك نسمة من الهواء العليل هبت علي جعلت أنفي يتحفز في البداية لم أعر الأمر اهتماما إلى أن أحسست بوخزة ټضرب أسفل معدتي قبل أن يراودني هذا الشعور المزعج بالغثيان اعتدلت جالسة وتساءلت في ضيق منعكس على وجهي
ما هذه الرائحة
اندهشت كاميلا لسؤالي وردت بآخر في تحير
أي رائحة
أخبرتها وأنا أدور برأسي في المكان محاولة كشف مصدرها المنفر
أشم رائحة غريبة ومزعجة
اتجهت أنظار كاميلا نحو الصغار الذين بدأوا في الركض من حولنا وهو يتناولون الشطائر ضحكت في لطافة لمرحهم الممتع وأخبرتني وهي تشير إليهم
ربما سكب أحدهم شيئا هنا سأطلب من الخدم تنظيف المكان وترتيبه
ثم اقترحت علي حين وجدتني أضع إصبعي على أنفي لأقلل من هذا الشعور المتزايد
لما لا نجلس بمكان آخر
وافقت في التو ودون تفكير
حسنا
نهضت من مكاني وأنا أوزع ابتسامات رقيقة على السيدات الجالسات في محيطنا إلى أن تخطيت الحديقة وولجت إلى داخل
البهو هناك زاد إحساسي بالانقباض والاختناق كما تضاعف الوخز
متابعة القراءة