رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم
المحتويات
ملائما للمزاح فحياة أحدهم على المحك أبعدت وجهي عن نظراته النافذة التي تحاصرني ودمدمت بإرهاق وأنا أنهض من مكاني
ربما في الصباح الباكر
وكأنه قرأ ما يدور في عقلي من صراع فكري فهز رأسه معقبا وهو يتنحى للجانب ليجعلني أمر من جواره
حسنا لن نستغرق وقتا
كدت أفقد اهتمامي بما يقول لولا أن تابع من ورائي موضحا وبما جعلني اتسمر بارتجاف في مكاني
الټفت كليا ناحيته وسألته پصدمة جلية على تعابيري الذاهلة
ماذا بهذه السرعة
شبح ابتسامة ماكرة تجلى على زاوية فمه وهو يخبرني
بالطبع ولما التأجيل إن كنت مستعدة لإتمامها!
ضغطت على أسناني هامسة في تبرم يشوبه الاستهجان
تبا
رأيته يتحرك صوب باب الغرفة استعدادا لمغادرته أدار رأسه تجاهي ليقول بهدوء
غمغمت في جنبات نفسي بتهكم مرير
ويا لها من أخبار!
فور ذهابه انهرت جالسة على طرف الفراش واضعة كلتا يدي أعلى رأسي لا أصدق حقا
حين عاد فيجو لاحقا لم يحاول التودد إلي بأي صورة أوجد مساحة كافية تفصل بيننا وتجعلنا أبعد ما يكون عن بعضنا البعض بدت بالنسبة لي وكأنها أمتارا لا بضعة بوصات للغرابة شعرت حينئذ بالضيق! فرغم كل ما عايشته معه وبسببه إلا أن هناك شيئا بداخلي يجذبني إليه يزعجني بشدة كلما شعرت به بعيدا عني ترى أي عاقل قد يقبل الاستمرار في علاقة زوجية كهذه مهلكة من كافة النواحي! تحيرت وتخبطت وازددت تلبكا كل الأمور تفضي في نهايتها لما لا أرغب في البوح به ورغم هذا اعترفت به في غياهب بواطني
رفضت الإجابة بصراحة عن هذا السؤال الملح في عقلي استنكرته وأنكرته وأبقيت على رفضي الزائف لكن في قرارة نفسي أعلم مدى كڈبي ومحاولة تضليل مشاعري التي نبضت وتأثرت بمن لا يقبل بالحب
أرهقني التفكير فقررت أن أضع ما يؤرقني جانبا واستدعي النوم الذي كان يتردد في القدوم واستقبال دعوتي إليه أرحت رأسي المشحون على الوسادة وأطبقت على جفني بقوة لأقضي على أي فرصة تدفعني للبقاء مستيقظة فبدأت بوادره في الزحف نحو عقلي فأظهرت ترحيبي العارم بها
البشعة تقطع نومي لأكثر من مرة فكنت أنهض وأنا انتفض تارة وتارة أخرى أفيق بصړاخ مكتوم في المرة الأخيرة أوقظني فيجو مبديا استيائه من إفساد ليلته وقال في جدية
الأفضل لك تناول الدواء طالما أنك لست بخير
سأنام في غرفة أخرى
اعتدل في رقدته وسألني في جمود وهو يفرك منابت شعره بأصابع يده
وهل هذا الحل الأنسب ستبقين على تلك الوضعية تصرخين وتنوحين وفي النهاية ستأخذين الدواء
صحت مدافعة عن حالتي النفسية المضطربة
أنا لست مثلك معتادة على والنوم بهناء
هنا يؤنبني
نظر إلي بنظرة مستفهمة فأوضحت أكثر
ما يطلق عليه الضمير ربما لا تملك واحدا لكن خاصتي لا يزال يقظا
وسد رأسه خلف ذراعيه وقال مبتسما قليلا
إنها مسألة وقت ليسكت للأبد
تحركت من مكاني لأسير بتعجل نحو المقعد الوثير سحبت روبي الحريري الملقى على مسنده ارتديته حول قميصي بعصبية مرددة في خفوت
ليت كل شيء بهذه البساطة
عقدت رباطه بنفس القدر من التعصب وتوجهت لتسريحة المرآة لأسوي خصلات شعري النافرة نظرت إلى انعكاس وجه فيجو في المرآة حين سألني بعزم جاد
بما أنك استفقت من نومك لما لا نتمرن الآن
ارتفع حاجباي للأعلى في دهشة وسألته بعينين تحدقان في انعكاسه بغرابة
في هذه الساعة
ظهرت التسلية على قسماته وشعرت بشيء من المكر المتواري وراء سؤاله
أيوجد لديك مانع
لذت بالصمت وادعيت انشغالي بهندمة ثيابي فأكمل مبتسما على غير عادته الجادة
إنه أنسب وقت للتدريب فقد تحتاج مهاراتك للصقل
مؤخرا لاحظت أنه حين يكون بمفرده معي يتخلى عن وجهه الجليدي الجامد يضع هذه الرسمية السقيمة جانبا ويبدو كشخص طبيعي يبتسم ويمازح في بعض الأحيان نفضت ما راود تفكيري لحظيا لأردد في تذمر
حقا أتظن ذلك
اكتفى بالإيماء برأسه وهذه الابتسامة الصغيرة ما تزال تحتل ثغره استدرت لأواجهه مباشرة وأنا أقول بنوع من الهزل الساخر ومستخدمة يدي في الشرح كذلك
الأمر كما فهمت ليس معقدا سألتقي ب سيلفيا هذه أصحبها بعيدا عن الأعين المتطفلة ثم أمنحها ابتسامة مهذبة قبل أن أرفع الإبرة وأغرزها في قلبها لتسقط صريعة عند قدمي
أطلق ضحكة حقيقية قبل أن يعلق وعيناه تتجولان بحرية ورغبة على ساقي البارزتين
إنها إبرة رفيعة
لن أنكر أن رؤيته يتأملني في سعادة ترضيني كأنثى خاصة مع علمي الأكيد بعدم اهتمامه بي كدت أضحك في تلقائية على طرفته عندما أكمل باقي جملته
وليس وتدا خشبيا تقتلين به مصاصا للدماء
بصعوبة وأدت ضحكتي في مهدها لأنطق بعبوس مصطنع
هه سخيف!
رأيت نظراته تتألق تجاهي وهو يقوم من استلقائه ليخبرني بلهجته التي لا ترد
سأنتظرك بالأسفل ريثما تبدلين ثيابك
لم يضف شيئا وغادر في هدوء لتظل نظراتي معلقة بطيفه الذي رحل تنهدت على مهل لأكرر بعدها مع نفسي بندم متزايد
ما الذي أقحمت نفسي فيه!
شعرت بالصداع يقتحم عقلي هو الآخر أكان ينقصني ذلك من فوري لففت حول الفراش لأبحث في الأدراج الموجودة بالكومود الملاصق لجانبي منه عن دواء مسكن التقطت واحدا من الأشرطة التي وصفتها الطبيب مارتي لي في وقت سابق واستخرجت منه قرصا ثم تناولته بغير ماء لأسير وأنا ابتلعه باتجاه غرفة تبديل الملابس حتى أغير قميص نومي بالملائم من الثياب
دعكت عيني وأنا أهبط على درجات السلم لأصل إلى البهو حيث يتواجد به الباب المشترك المؤدي لصالة ممارسة الرياضة الملحقة بالقصر قلما تواجدت بها فأنا لست من
هواة ممارسة الرياضات العڼيفة خاصة وأن معظم معدات التدريب تخص محبي ممارسة ألعاب القوة وتقوية العضلات ألقيت نظرة خاطفة على ثيابي الرياضة المريحة كانت عقدة حذائي غير معقودة جيدا فجثوت على ركبتي لأربطها اعتدلت واقفة وتابعت المشي إلى هناك لكن يبدو أن أطياف النعاس قد راحت تداعب جفوني تثاءبت للمرة الثالثة عندما وصلت إلى الصالة ضړبت على وجنتي برفق لأستفيق ثم دفعت الباب وولجت إلى الداخل نظر إلي فيجو متسائلا
هل أنت مستعدة
هززت رأسي إيجابا فأشار إلي بالتقدم ناحيته وهو يأمرني
اقتربي
امتثلت لأمره وسرت تجاهه وقفت على بعد خطوة منه لاحظت أنه يمسك شيئا صغيرا بيده أمعنت النظر بتدقيق أكبر بدا كقلم حبري رفيع لكنه قصير الطول ومصنوع من مادة تشبه المعدن في لمعانه أشرت بعيني إليه وأنا أسأله مستوضحة
ما هذا
رفع يده الممسكة بها في مستوى نظري لأنظر إليها عن كثب وجاوبني
الإبرة المطلوب منك استخدامها
تعقدت ملامحي في توتر فأكد لي
لا تقلقي إنها خالية من أي سمۏم
رددت بوجه متجهم وبقدر من السخرية
أوه أشعرني ذلك
بالارتياح
لا أعرف إن كان قد ابتسم أم لا لأني لم أتطلع إليه حيث تفشت في أوصالي رغبة غريبة تستحثني على ترك التدريب والعودة إلى غرفة النوم ثم الاستلقاء بداخل الفراش المريح تمطيت بذراعي لأرجئ على مضض هذه المتعة الجميلة لوقت لاحق وطلبت منه في غير صبر
أرني كيف أوجهها لصدر المدعوة سيلفيا حتى أذهب للنوم
علت قسماته القليل من الدهشة ومع ذلك لم يعقب مجددا وضعت يدي أمام فمي لأخفي تثاؤبي وعاودت النظر إليه برأس راح يثقل بالتدريج حاولت بذل جهدي لانتبه إليه عندما تكلم
عليك أولا نزع هذا الغطاء الصغير عن السن المدبب
أومأت برأسي كتعبير عن متابعتي له شاهدته كيف أخفى الإبرة في البداية براحته ثم جعل أصابعه قابضة عليها وهو يشرح لي ببساطة
اجعليها ثابتة هكذا وسدديها مباشرة نحو أي بقعة ظاهرة من جلدها
تساءلت بعد نحنحة خفيفة
وماذا أيضا
أخبرني وهو يشير بيده نحو موضع نهاية الإبرة
ثم اضغطي على هذا الزر حتى تفرغي السائل المملوء في الأنبوب الموجود بالداخل
هززت رأسي قائلة في تفهم
حسنا
تأهبت حواسي عندما أمرني
هيا حاولي
رفعت حاجبي للأعلى وسألته في نبرة غير واثقة
الآن
هتف مستنكرا كسلي الواضح
نعم ألسنا هنا لنتمرن
وضعت يدي على مؤخرة عنقي لأفركه برفق ثم رددت في تأفف
حسنا
أعطاني الإبرة فأمسكت بها مثلما أرشدني وقمت بتسديدها نحو جانب كتفه بتمهل فقبض على رسغي وكاد يلويه تأوهت من الألم وهتفت في ضيق
إنك تؤلمني
أرخى أصابعه عن معصمي وحذرني بلهجة غير متساهلة
نحن لا نمزح هنا أعيدي المحاولة
غمغمت لاعنة إياه بلا صوت وسددت الإبرة في نفس الوجهة لكنه صدها بكفه فأسقطها من يدي نظرت له مصډومة فأمرني
التقطيها وأعيدي المحاولة
انحنيت لأخذها ثم كررت محاولتي أخفقت بالطبع مع مهارته المشهود لها لكن بعد بضعة محاولات تأرجحت بين الفشل والنجاح استحسن تحسن أدائي أحسست بعد ذلك المجهود بانخفاض طاقتي للغاية حاولت الصمود وهو يقول بلهجته الآمرة
مرة أخرى ولكن بيدك هذه
نفخت في إرهاق ومع هذا لم أعص أمره نقلت الإبرة لكفي الآخر ثم قمت بتسديدها نحو ذراعه في حركة خفيفة
هز رأسه نافيا وهو يؤكد لي
لا إنه مناسب
تمسكت برفضي قائلة
لا أظن ذلك حقا ستجعلني أرتدي هذا اللون الصارخ
رد بإيماءة خفيفة
نعم
هتفت في استنكار أكبر غير مصدقة اختياره العجيب
كل من في الحفل سيلاحقني بنظراته كيف سأتمكن من حقنها بالإبرة وأنا ملفتة للأنظار بثوبي ذلك
أخبرني في هدوء
هو تمويه جيد لإبعاد الشبهات عنك
ما زالت عند رفضي وأصررت عليه بصياحي المنزعج
حقا أنت تتحدث ببساطة فلست
من سيتربص بأحدهم اليوم
لا تقلقي ستمضي على خير
كم بدا مثيرا للحنق ببساطته الزائدة استثار أعصابي أكثر حين تابع
فقط لأنها مرتك الأولى فأنت متوترة
وكأنه يحادثني عن شيء اعتيادي أقوم به في يومي الرتيب لأقضي به على الملل الذي يصيبني من آن لآخر استنكرت تساهله في هذا الأمر الخطېر وصحت في غيظ وأنا أهدد بسبابتي المرفوعة في وجهه
لا تقل ذلك ولا تجعلني أتراجع!
باغتني بسؤاله الصريح الذي عجزت عن إيجاد الجواب له
إذا ما الذي دفعك للقبول
جاوبته بنبرة تماوجت قليلا بين التذبذب والثبات
أنت أخبرتني سابقا بأنه لا مكان للمثالية في عالمنا وها أنا أتوقف عن اتباع مبادئي
تراجع فيجو عني لمسافة ضئيلة للغاية وهمس لي بما أصابني بدفعات متدفقة من الاضطراب الملبك لكياني
استمري على ذلك المنوال وستفوزين بما هو أكثر من مجرد كونك زوجة للزعيم !!!!
يتبع التالي
الفصل التاسع والعشرون
استخدامه لهذه النوعية من التلميحات المتوارية كان محيرا ومربكا للغاية ما الذي يمكن أن يمنحه لي أكثر من مجرد لقب رسمي هل واجهة اجتماعية مثلا لا أعتقد ذلك فقد ظفرت بها والجميع يعاملني بتبجيل واحترم ولا أظنه الحب فهذه المشاعر المرهفة محرمة في عالمه الغارق في الظلام الموحش أما إن كان يعني طفلا فقد أنذرني منذ اللحظة الأولى بتنجب ذلك إذا ما الذي يقصده
تركني فيجو متخبطة وغارقة في حيرتي ليتجه خارج الغرفة ليجري عدة اتصالات بقيت هائمة في
متابعة القراءة