رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم
المحتويات
في معدتي وراح كامل جسدي يتعرق وما زاد الطين بلة أن دوار عجيب لف رأسه وكاد يطيح بها هرعت نحو أقرب قطعة أثاث أستند عليها استعدت توازني بعد لحظة ولكني ملت للأمام ويدي موضوعة على فمي تجشأت بصوت خفيض قبل أن أقول
لا أشعر أني بخير معدتي تئن من الألم
لحقت بي السيدة كاميلا بدا القلق ظاهرا عليها علقت مشيرة بيدها
اعترضت في صوت واهن
لا أظن آ
لم أتم جملتي بسبب رغبتي العارمة في التقيؤ سألتها بأنفاس غير منتظمة
أين الحمام هنا
أشارت نحو الرواق قائلة في خوف
هناك
أمسكت بيدي وتابعت
سآخذك إليه
كنت ممتنة لكونها تدعم مشيي غير المتزن سرت معها إلى أن وصلت الحمام حينها فقط أفرغت ما امتلأت به معدتي بدوت في حالة مزرية مقززة نظرت إلي السيدة كاميلا بقلق متعاظم وسألتني وهي تناولني المنشفة القطنية
استندت على حافة الحوض وأبقيت على رأسي مطأطأ نظرت إليها بوهن ثم تكلمت في إعياء واضح
لا أعرف ما الذي يحدث لي!
تكرر الأمر من جديد وتقيأت پألم حتى شعرت بخواء معدتي غسلت بعدها وجهي واعتذرت عن الفوضى المقرفة التي تسببت بها تفهمت السيدة كاميلا وضعي الطارئ وعاونتني خلال خروجي من الحمام قائلة بود
أصابني دوار أعنف فتشبثت بها لئلا أفقد توازني ثم قلت
أشكرك
ذهبت بي إلى المطبخ فجلست بتؤدة على أحد المقاعد المرتفعة سألتني وهي تشير للخادمة بيدها
هل تعانين من البرد
هززت كتفي قائلة
ربما
تحدثت بشيء إلى الخدامة بعدما اقتربت منها ثم عاودت الحديث إلي باهتمام
سأعد لك شيئا طبيا سيهدئ من اضطراب معدتك
اشربي ذاك المشروب إنه جيد
تناولته منها ورددت بعد زفرة بطيئة
لا أبدو بخير هذه الآونة
اسمحي لي أن أسألك شيئا خاصا
أبديت ترحيبي قائلة
تفضلي
بدت خجلى وهي تميل علي لتسألني بصوت خاڤت
هل تفقدت موعد زائرتك الشهرية
سعلت أولا من الصدمة واهتز الفنجان في يدي فتناثرت عدة قطرات خفضت يدي وحملقت ناحيتها وقد حلت بي صدمة لحظية ثم هتفت بغير تصديق
تابعت بضحكة ماكرة وهي ترمقني بهذه النظرة الشقية
فإذ ربما يكون هذا
قاطعتها في ذعر يدعو للريبة
لا يمكن أن يحدث
أشارت لي بكلتا يديها وهي تستطرد باستغراب
اهدأي ذاك شيء وارد الحدوث بين الأزواج
قلت في إصرار رافض
مستحيل
شردت نظراتي عنها وأخذت أتكلم بصوت مهتز
أنا ألتزم بأدويتي و
بهدوء واضح عليها قاطعتني سائلة
حسنا لكن هل تذكرين متى آخر مرة
رحت أفرك مقدمة رأسي لهنيهة ثم قلت بعد تفكير سريع
إنها غير منتظمة
تحفزت في جلستي وسألتها
كيف
أشارت بسبابتها موضحة بتشوق مغاير للخوف الذي استبد بي
لدي هنا في حمامي بالأعلى اختبار الحمل المنزلي عادة احتفظ بمجموعة في حال أن أصابني الشك سآتي لك بواحد
لم تترك لي المجال للاحتجاج انطلقت في التو تجاه الدرج لتحضره فوضعت يدي أعلى رأسي أدمدم في توجس شديد
اختبار حمل منزلي! يا إلهي أرجو ألا يكون ذلك صحيحا
شبكت كفي يدي معا ودارت برأسي كل الهواجس والخواطر غير المحمودة اعتصرت ذهني اعتصارا لأتذكر متى زارتني ضيفتي الشهرية فلم أتمكن من تحديد الموعد بدت كل الشواهد تشير إلى احتمالية حدوث الحمل خاصة مع
وجود بعض الأعراض الفسيولوجية التي كنت أتجاوز عنها حيث ظننتها ترجع لحالتي النفسية المتقلبة عادت إلي السيدة كاميلا بعد دقائق وهي شبه تقفز في خطاها أبرزت العلبة ڼصب عيني وقالت بحماس متقد
يمكنك استخدام هذه تصلح للاستعمال في أي وقت ونتائجها إلى حد كبير دقيقة
أخذتها بتردد من يدها وتطلعت إليها في نظرة طويلة شاردة وجدتها تدفعني برفق نحو الحمام وهي تهمس لي
هيا سأنتظرك هنا
همهمت بين جنبات نفسي وأنا أشعر بهذا الخفقان القوي في صدري
ليته يكون كڈبا!
اتبعت التعليمات المدونة على ظهر العلبة بالطبع كان الاختيار الأنسب للحصول على نتائج أفضل في مطلع النهار عند الاستيقاظ لكن لكوني على عجلة من أمري فاضطررت لاستخدامها بغير توقيتها الملائم لعل وعسى تأتي النتائج مثلما أرجو نادت علي السيدة كاميلا من الخارج
عزيزتي ريانا
بقيت صامتة أنظر إلى الاختبار بعينين متسعتين فظلت تسألني من خلف الباب الموصود
كيف الحال
قلت وأنا ألعق شفتي
لحظة
في هذه الثواني الفارقة كان الفضول عاتيا سواء من ناحيتي أو من تجاه السيدة كاميلا كلتانا تريدان بشدة معرفة النتائج مع فارق ردود الفعل حبست أنفاسي ووضعت يدي على فمي أنتظر مدلول الاختبار وعاصفة من الرهبة تنتظر الهبوب في أي لحظة!
التبلد اللا تعبير وأمارات الجمود كانوا ظاهرين على وجهي عندما فتحت باب الحمام سددت نظرة خاوية للسيدة كاميلا التي كانت لا تزال في انتظاري بتشوق أقبلت علي تسألني في لهفة وهي تضم يديها معا أمام صدرها
ما الأخبار
رفعت الاختبار في مرمى نظرها لتراه بوضوح وأنا أقول بلا حماس
إنها شرطتان هل هذا يعني أني !!
صړخت من الفرحة وصفقت بيدها مهللة
يا إلهي أنت حامل سيسعد الزعيم مكسيم كثيرا بذلك الخبر هو ينتظر حفيده المرتقب منذ زمن
أخذتني في حضنها وظلت تبدي سعادتها للنبأ السار فقالت
لا أصدق البشارة كانت عندي
استطعت سماعها وهي تقول في
حتما سأنال مكافأة سخية
لم تبد مهتمة بمطالعة حالتي الواجمة فهمست بتبرم مستاء من بين أسناني المضغوطة
أنا حامل وهي تفكر في المكافأة اللعڼة!
رأيت كيف شطحت بأحلام يقظتها وهي تواصل الحديث
خبر كهذا سيزيد من قوة عائلة سانتوس خاصة إن كان الطفل القادم ذكرا سيرث إمبراطورية العائلة العريقة
نظرت لها شزرا أي ميراث هذا الذي سيرثه الطفل إنها لعڼة دموية تهلك صاحبها! مدت كفها نحو يدي سحبتها إليها واحتضنتها بين راحتيها ثم رمقتني بهذه النظرة الڈليلة قبل أن تستأذنني
ما رأيك أن نخبرهما معا لا أريد تفويت فرصة نيل رضا الزعيمين مكسيم وفيجو
ضقت ذرعا بما تفعله فصحت في صوت حاد وأنا أنتشل يدي منها
سيدة كاميلا اسمعيني من فضلك
تسمرت في مكانها تسألني في تعجب مندهش
هل تريدين شيئا
قلت بجدية بحتة
نعم
أمسكت بها من ذراعها وسحبتها للجانب لأخاطبها بصوت شبه خاڤت لكنه ما زال جادا
من فضلك لا تخبري أحدا
اكتسب وجهها بعلامات الاستغراب فتابعت مشددة
لا أريد أن يعلم أي شخص بمسألة حملي
سألتني في استرابة وهي ترمقني بنظرة متشككة لم أسترح لها
لماذا هل هناك خطب ما
وقتئذ وتحت وطأة المفاجأة لم أعرف سبيلا للمراوغة أو تلفيق حكاية جيدة التصديق لهذا أطلعتها بتلعثم
لو علم فيجو بحملي
بدت متأهبة الحواس لسماع البقية فتابعت وأنا أضع يدي على بطني
سيحزن كثيرا
شهقت صائحة في صدمة
ماذا
أومأت برأسي لأؤكد لها جدية
تهديده المزعوم وأوضحت لها
هو أمرني ألا أحمل وهددني إن فعلت فسأنال غضبه
خفضت من بصرها لتحدق في يدي القابضة على بطني ثم علقت
لا أعتقد هذا فهم يقدسون الجو الأسري
محاولة إقناعها بحقيقة ما أقول بدا عسيرا لهذا لجأت لحجة أخرى رجوت أن تنطلي عليها فأخبرتها
نعم لكنه يريد التوسع في حجم
إمبراطوريته ولا يرغب في الانشغال بغير ذلك حاليا
حدجتني بنظرة ذكية غير سهلة وهي تعقب
عذرا سيدة ريانا الرجال في جماعتنا لا يهتمون برعاية الصغار إلا حين يصلون للسن المطلوبة للانضمام لصفوفهم فلا أظن بوجود مشكلة
محاولة مجاراتها في التوضيح والتفسير كان منهكا لذا أنهيت مبرراتها غير الضرورية بقولي الأخير
حسنا سأخبره لكن ليس الآن
منحتني نظرة أخرى لئيمة قبل أن تنطق بما اعتبره نصيحتها الثمينة
ولكن لا يمكن إخفاء هذا الأمر
بلعت ريقي ورجوتها بلطف
أعلم أريد أن أوفق أوضاعي أولا وأمهد السبيل لذلك فلا داعي لإخبار أحدهم
لم تبد مقتنعة بطلبي فقالت كنوع من التحايل على الموقف
حسنا كما تريدين يمكنك أن تستريحي قليلا ريثما أعد لك شيئا مفيدا
دفعتني برفق من ظهري نحو الطريق المؤدي إلى الدرج وهي تقترح علي
ما رأيك بالصعود للأعلى غرفتي مفتوحة لأجلك
ابتسمت قائلة في رقة ممتنة
أشكرك
أخفيت وراء ابتسامتي الصغيرة توتري المتزايد حتما لن تصمت هذه المرأة وتضيع الفرصة المادية من يدها راقبتها وهي تعود إلى المطبخ ووضعت يدي على حافة الدرابزين تمهيدا لصعودي لكني لم أتحرك من موضعي ظللت واقفة للحظات أفكر بعمق فيما يجب فعله للتعامل مع أزمتي الطارئة فأنا على يقين تام بأن فيجو لن يتردد للحظة في محاسبة من يخالف تعليماته وأنا شهدت على عنفه المفرط لأكثر من مرة إنه لا يرحم أحدا! لذا أنا مرغمة على إيجاد حل فوري لمعضلتي الوخيمة اشتدت أناملي على الحافة وقد جال فجأة بخاطري فكرة متهورة نطقتها في هسيس مصحوب بالعزم
لما لا أهرب قبل أن تكتشف هذه المسألة!
تلفت حولي متسائلة في تخبط
ولكن كيف سأفعل ذلك
كورت قبضتي الأخرى ولكزت بها جبيني وأنا أحفز نفسي
هيا فكري ريانا تحتاجين للتصرف بسرعة لا وقت لإضاعته فالسيدة كاميلا ستعلمه في أي لحظة
لمحت إحدى الخادمات وهي تأتي من ردهة ضيقة مجاورة لسلم الدرج تعلقت نظراتها بها وأنا أراها تضبط مريلتها البيضاء على ثوبها الرسمي الأسود تتبعتها بنظراتي إلى أن مرت بجواري لتباشر عملها أوحى تواجدها غير المتوقع بفكرة أخطر بعدما توارد على ذهني عشرات الخواطر لما لا أتنكر في زي واحدة من الخدم خاصة أن السيدة كاميلا تستعين بعدد كبير في كل مرة تقيم فيها حفلا ارتسمت ابتسامة سعيدة على وجهي وأنا أقول بثقة
هذا هو الحل
في التو تسللت إلى مخدع الخدم في الخلفية ألقيت نظرة عابرة لأتأكد من عدم متابعة أحدهم لي واربت الباب بعدما ولجت للداخل ومسحت المكان بنظرة سريعة فاحصة بحثت خلالها عن موضع خزانة الثياب حيث يتم الاحتفاظ بثياب عمل أخرى بديلة لاستخدامها عند اللزوم حددت مكانها واتجهت إليها بخطوات متعجلة فتحت الضلفة واختطفت طقما لي هرعت لتبديل ثيابي بملابس الخدم وتأكدت من تغيير تسريحة شعري فأطلقته لأخفي بخصلاته معالم وجهي
تذكرت أني تركت حقيبة يدي بالخارج وذهابي إلى هناك يعني كشف أمري وأنا لا أريد ذلك توترت ولعنت بصوت خفيض مرددة لنفسي
أنا بحاجة للمال لأدفع ثمن سيارة الأجرة ما العمل الآن!!
كادت خيبة الأمل تصيبني لولا أن رأيت حقائب الخدم معلقة خلف الباب لم أفكر مرتين تحركت ناحيتهم وفتشت فيهم تباعا وقمت باقتراض المال منهم تركت ملحوظة ورقية صغيرة اعتذر فيها عن سړقتي الصغيرة وأضفت مؤكدة
سأرد النقود لاحقا
جاء الجزء الأهم في خطتي العاجلة كيفية تجاوز أفراد التأمين والحراسة والخروج من الباب الرئيسي دون أن يشك أحدهم في أمري بقيت واقفة في مكاني أحاول تدبر الوسيلة الفعالة لحظي السعيد جاءتني النجدة من السماء فقد نادت خادمة ما من ورائي
أنت
الټفت إليها
بتوتر متوقعة أن تتعرف إلي لكنها لم تكن تنظر تجاهي بل كانت
متابعة القراءة