رواية غير قابل للحب للكاتبة منال سالم
المحتويات
حالة الكر والفر في المشاعر بيننا فقلت في صوت يعبر عن انهزامي
أنت مرغم على هذا وليس عن إرادتك
أكد لي
أنت من أريد حقا
أيظن أنه بهذا الحديث يريحني بل يزيد من عذابي
ومنحني إشارة من يده معقبا في نبرة جليدية تماشت مع تعابير وجهه
عودي إلى النوم
ناديته بصوت دافئ مليء بالرجاء
فيجو
توقف عن السير ليستدير ناحيتي بادلني نظرة لم أفهمها وتكلم في أنفاس شعرت بثقلها قليلا
نهضت عن الفراش وهرعت صوبه متسائلة ويدي تمسك بذراعه
ما الذي حدث هل هناك هجوم ما
تفرست في ملامحه القريبة لعلي أفهم سبب رحيله المريب لكنه أجاد وضع هذا القناع على ملامحه وقال بلهجته الآمرة
اذهبي للنوم
بدت خيبة الأمل جلية على وجهي فاكتفيت بهز رأسي وانسحبت عائدة للفراش لأسمع وقع خطواته وهو يرحل ارتميت على جانبي أبكي تعلقي بوهم الحب وخصوصا معه آخر من ظننت أن يميل القلب إليه برغم كل مساوئه ونواقصه سألت نفسي في مرارة
والأكثر إيلاما على قلبي أني في أعماقي غفرت له ما اقترف من جرائم في حق عائلتي تركت العنان لبكائي الصامت فابتلت وسادتي ورأسي يكاد ينفجر من حيرته أيفعل بنا الحب هذا يجعلنا نمنح الصفح لمن لا يستحق لأن القلب قد نبض لأجله إن فعل فيا له من حب لعين! أصبحت الحقيقة التي لا مجال للشك فيها أني انجذبت لمن لا يجب الانجذاب إليه وتعثرت في خطاي لأقع بإرادتي في بئر ويلات عشق غير مرغوب فيه !!!
الفصل الرابع والثلاثون
حاولت أن أبعد عن نفسي سحب اليأس التي ظللت فوق روحي لكني لم أفلح ثما ما ينغص علي فقد غمرتي كل مشاعر الانهزام والإحباط والرغبة في فعل اللا شيء وما ساعد على تعزيز هذه المشاعر السلبية في نفسي هو الفراغ الكبير الذي حاوطني منذ غياب فيجو عني لأيام متعاقبة في البداية ملت لتصديق وجود خطب ما لكن والده مكسيم أكد لي أن تنظيمهم في أوج نجاحاته حينها تيقنت أنه يتجنب اللقاء بي ليضاعف هذا من شعوري بالنبذ والإقصاء أذكر في نهار يومي الكئيب أن استيقظت من نومي ولساني يردد
كنت مندهشة لكوني أتكلم خلال يقظتي القريبة تمددت على ظهري محاولة استعادة سبب تلفظي بهذه العبارة استعاد ذهني تفاصيل حلمي الأخير حيث كنت أستجدي مشاعره لأعرف ماهية إحساسه ناحيتي استنكرت حماقتي وتذللي السخيف إليه ولكزت جبيني بظهر كفي معنفة نفسي
يا لك من غبية! حتى في أحلامك تتسولين الحب!
التقلبات المزاجية الحادة لم تكن من سماتي مؤخرا فتارة تجدني في قمة هدوئي وعدم مبالاتي وتارة أخرى أتحول للنقيض وأطيح بمن حولي من فوران عصبيتي تمنيت لو كانت والدتي إلى جواري ربما خففت عني هذه الأعباء التي تثقل روحي وأعادت إلي سكوني واستكانتي
سيدة ريانا
بفتور ظاهر علي أخبرتها دون أن أنظر تجاهها
لا أريد الإفطار فقط أعدي لي كوبا من القهوة
حمحمت قائلة بتهذيب
إنها شقيقتك
خفق قلبي وانشرحت قسماتي فهتفت في ابتهاج كبير
أوضحت لي وهي تشير بيدها
على الهاتف
خبت فرحتي قليلا لكني رددت أمرها في حماس
اعطيني إياه
ناولته لي وهي تقول
تفضلي أتأمريني بشيء آخر
أشرت لها بالانصراف وأنا أوليها ظهري قائلة
لا اذهبي
انتقلت مع الهاتف إلى سور الشرفة استندت بمرفقي على حافته وحدقت في وجه شقيقتي المضيء بنظرات مشتاقة خمنت من الخلفية الظاهرة ورائها أنها تقضي وقتها على الشاطئ وجدتها ترفع النظارة على رأسها وهي تستطرد قائلة
مرحبا قطعة السكر
تجاوزت ترحيبها وسألتها في لهفة مضاعفة
آن لا أصدق كيف حالك اشتقت إليك كثيرا
تنهدت وهي تخبرني بابتسامة متألقة تزين شفتيها
وأنا كذلك
حاولت ألا أجعل ما أمر به من تخبط ويأس يعكر صفو هذه المكالمة لكني أخفقت حيث تخلل الحزن ملامحي فجأة فاختفت بسمتي الزائفة وأصبحت إلى حد ما شبه عابسة سألتني آن باستغراب
لماذا تبدو عليك التعاسة
تهربت من إجابتها بادعاء الابتسام وأنا أداعب شعري الطليق
لا تقلقي أنا بخير أخبريني عنك
رأيتها تسحب نفسا عميقا لفظته على مهل قبل أن تمهد لي بغموض أربكني
حسنا أريدك أن تصغي إلي جيدا
قطبت جبيني في ترقب فتابعت بنفس الأسلوب المتأني
لدي خبر هام
استشعرت من طريقتها بأن ما ستنطق به غير متوقع لم أطق الانتظار وسألتها على عجل وقد جال ذلك توا في خاطري
هل انفصلت عن اللعېن لوكاس
على ما يبدو لم تكن شقيقتي بمفردها خلال هذه المكالمة المرئية فوجدت من أمقت يحتل نصف الشاشة بوجهه قبل أن يدمدم محذرا بوجوم
أنا إلى جوارها فهذبي لسانك
رددت غير مصدقة اقتحامه للمكالمة
أنت هنا
رد متصنعا الابتسام
نعم كما أني أحب زوجتي ولن أتركها مطلقا
نفخت في ضجر
هل ستعودين إلى شيكاغو
ردت نافية
لا ليس بعد
تساءلت بجدية
إذا ما الأمر هل صوفيا بخير
قالت وهي تدير رأسها للجانب الآخر
إنها تستجم على الشاطئ
تذمرت آن من إزعاج زوجها المتواصل وهتفت في نبرة حازمة
لوكاس أريد الحديث رجاء امنحنا بعض الخصوصية
على مضض اضطر أن يسير
بعيدا لكن صوته وصلني
وهو يهتف عاليا
أخبريها عن حملك لطفلي
انتفضت في وقفتي وطرحت عن كتفي الشال بعدما انفرجت شفتاي عن صدمة جلية بينما راحت آن تصرخ معاتبة إياه بټهديد
لقد أفسدت المفاجأة لوكاس
علق عليها من بين ضحكاته المستمتعة
أنتظر محاولتك الفاشلة كالعادة
أفقت من الصدمة المؤقتة وتداركت ما تم إعلامي به في لحظة عابرة اشتعلت نظراتي وهدرت في ڠضب متصاعد
ما الذي يقوله هذا
بدا في استهجاني الصريح لوما ظاهرا لشقيقتي فاختفت إشراقة وجهها ومالت للتجهم لم تأخذني بها شفقة وسألتها بنبرة تدينها لأتأكد مما سمعت
هل أنت حامل
لو أبدت إعرابها الصامت عن الندم لكنت قد تقبلت ما حدث وبررت أنه جاء بطريق الخطأ لكن ما رأيته أظهر العكس كليا كانت آن مسترخية التعبيرات رغم العبوس البائن في تقاسيمها جراء ردة فعلي أطرقت للحظات كما لو كانت تبحث عن الكلمات المناسبة ثم ابتسمت لي وأجابتني بهدوء بعد زفرة بطيئة أطلقتها
نعم وأنا مسرورة للغاية
فاقت المفاجأة أي توقعات قد تطرأ على بالي فاڼفجرت ڠضبا فيها بلا مبرر
هذا جنون كيف تم ذلك
اضطررت للبقاء ساكنة للحظة ريثما تنأى آن عن زوجها الذي لم يكف عن إزعاجها وراقبتها وهي لتنظر إليه قائلة بلهجة آمرة
وتوقف عن التصنت علينا
سمعته يخبرها بشيء من الټهديد
حسنا سأذهب لكن إن تمادت شقيقتك لن أصمت
لوحت له بيدها وهي ترد
هيا ابتعد
ظلت الډماء تغلي في عروقي وتساءلت وأنا أرمقها بهذه النظرة المليئة بالإدانة
لماذا آن
سكوتها جعل المزيد من علامات الاستفهام تقفز إلى وجهي قبل أن تنتقل إلى لساني
كيف تحملين منه أنت أجبرت على الزواج منه كيف تتورطين في هذا
لم تأبه آن للهياج المستبد بي وأجابتني بما حمل صدمات أكثر
لأني أحبه مثلما أحبني وهو رائع
صړخت بها
تحبيه كيف ومتى حدث ذلك
تجولت بالهاتف بعيدا وهي تقول بخفوت
لا أعلم لكني واثقة من مشاعري ومشاعره
ثم ضحكت في مرح وقالت وأنا أكاد أشعر بيدها تنخفض لتلامس بطنها
وها قد توج حبنا بصغير ينمو في أحشائي
لومتها بشدة
ما فعلتيه جنون!
توقفت عن المشي وعقدت حاجبيها ناظرة إلي بنظرة منزعجة ثم سألتني في صوت جاد
لما
كل تلك العصبية ريانا
طل الحنق من نظراتي ناحيتها فتابعت بمنطقية
كان من المتوقع أن يحدث ذلك في أي وقت
هتفت في نفس النبرة المنفعلة وأنا أضع يدي بين خصلات شعري لأضغط على رأسي المشحون
لكن ليس الآن أنت أضعت مستقبلك وآ
قاطعتني بابتسامة لطيفة وهي تدور بنظراتها في الأرجاء
بل على العكس أنا أتابع دراستي من هنا والوضع شبه مستقر
صحت في ذهول مستنكر
إنك تمزحين لا أصدق أنك تفعلين هذا
كأنما أشفقت شقيقتي على حالي المهتاج فقالت ملطفة الأمر
ريانا الأمر لا يستدعي كل ذلك الڠضب أنا ولوكاس متفقان معا وكل شيء يسير على ما يرام
سألتها بتشكك وقد أصبحت غير قادرة على التفكير
هل خولك فيجو لقول ذلك
لوت ثغرها معلقة
وما شأنه إنه لا يعلم بعد أنت أول من أخبره بالأمر
كدت أتلفظ بشيء لكن أتى صوت لوكاس عاليا
آن والدتك العزيزة ټغرق
صاحت كلتانا في نفس التوقيت
ماذا
رأيت آن وهي تهرول عائدة إلى حيث يقف فتساءلت في قلب واجل
ما الذي يحدث ل صوفيا
تنهدت آن في ارتياح ورددت
إنها بخير
أضاف لوكاس وهو يحتل منتصف الشاشة مجددا
أنا أمزح لقد ضجرت من الانتظار وشقيقتك ثرثارة للغاية
على الفور تدخلت آن قبل أن أبادر بالرد اللاذع عليه
مضطرة لإنهاء الاتصال حتى أقتله
ثم نظرت إلي بمحبة وأرسلت لي قبلة في الهواء وهي تخبرني
إلى اللقاء قريبا شقيقتي أحبك
قلت قبل أن ينقطع الاتصال المرئي
وأنا كذلك
رحت أدور في محيطي بحركات دائرية متكررة كأنما أفرغ بذلك
عما احتقن بصدري من طاقة غاضبة لهثت
وأنا أتساءل في غير تصديق
كيف لماذا فعلت آن هذا لما لم تتخذ احتياطاتها
توقفت عن الدوران حولي وهتفت في تصميم
إنها صغيرة ولا تعي ما يحدث لا يجب أن تتورط أكثر مع هذه العائلة
عادت الخادمة إلي لتستعيد الهاتف وفي يدها صينية القهوة سألتني وهي تضعها على الطاولة الصغيرة
هل تريدين شيئا سيدتي
صړخت بها بلا ذنب
اغربي عن وجهي
ارتاعت الخادمة من هيئتي وأومأت برأسها في طاعة لكن قبل أن تغادر ناديتها مجددا
انتظري
ابتسمت لي فقابلت بسمتها المتكلفة بعبوس وأنا أمرها
أخبري السائق أني أريد الذهاب إلى زوجي أينما كان
هزت رأسها مرددة بغير جدال
حسنا
التجاهل الإهمال الهجر وما على هذه الشاكلة بدا وكأنه خطة معدة سلفا أو مؤامرة محاكة جيدا لجعلي أتقبل الحقائق الصاډمة بعدما أصل في عزلتي لأدنى درجات اليأس والإحباط رفضت التعامل مع هذه المسألة تحديدا بالتريث أو العقلانية تأنقت في ملابس كلاسيكية بحتة تضمنت ثوبا أسود اللون واخترته تحديدا ليتماشى مع إحساسي بقتامة وسوداوية ما حولي كما وضعت قبعة على رأسي تشبه تلك التي ارتديتها في مراسم ډفن خالي مشيت نحو السيارة واضعة نظارتي على وجهي الصارم تعمدت ادعاء التعثر وأني قد لويت كاحلي ليسرع أحد أفراد التأمين ناحيتي استندت على ذراعه وهتفت في ۏجع زائف
أوه إنه مؤلم
سألني في اهتمام
هل تأذيت سيدتي هل أستدعي الطبيب
استغليت فرصة انشغاله بشأني وقلت بنحنحة خفيفة
لا حاجة لذلك سأكون بخير
شكرته باقتضاب قبل أن أجلس بالمقعد الخلفي حافظت على رباطة جأشي لم أنبس بكلمة طوال الطريق بينما ظلت يدي موضوعة على الحقيبة كأنما أخشى الإمساك بي لازمت هدوئي إلى أن توقف السائق بالقرب من أحد النوادي الليلية التابعة لجماعتنا مسحت المكان بنظرة سريعة بت الآن أميز الفارق بين كل جماعة وأخرى من تصاميم المباني الخارجية بالإضافة لهيئة رجال التأمين والحراسة المرابطين في محيطهم
استقبلني مسئول النادي باحترام فتجاوزت عن تملقه اللزج متسائلة بحدة طفيفة
أين فيجو
أجابني وهو يرمقني بهذه النظرة المندهشة لوجودي
الزعيم ليس هنا هو باجتماع هام
أوليته
متابعة القراءة