رواية عينيكي وطني وعنواني للكاتبة أمل نصر
المحتويات
بيه الطفل الصغير كما تعلق به من قبل أبيها ووالدتها..كما تعلقت به شقيقتها شروق الذي اعتبرته أخيها من وقت ان قرأت فاتحتها على أخيه حسين ..وكأنها كانت تنتظره طويلا ليقوم معها بدور الشقيق الأكبر .. فاندمجت الأسرتان بكمياء نادرة وأصبحت الشقتان مفتوحتان أمام بعضهم وكأنهم عائلة واحدة .. لم يتبقى لها في المنزل سوى غرفتها المحصنة عنه وعن والدته التى كلما رأتها لمحت لها بسذاجة وكأنها لاتفهم مايدور بعقل المرأة.. كل ما تمر به الان فوق طاقتها وفوق إحتمالها.. حتى صديقتها الغالية سحر التي كانت تلجأ لها معظم الأوقات فتستطيع بذكائها وخفة ظلها ان تخفف عنها وتدخل السرور بقلبها ..إبتعدت هي الأخرى عنها مضطرة في رحلة سفر مع والدتها لبلدتهم لحضور حفل زفاف إحدى أقاربهم ولم تعد حتى الان .
ظلت صامتة لبعض اللحظات مبهوتة لا تستوعب مطلبه.. فخطا يقترب منها قليلا يكرر
أسف لو خضيتك أو افتكرتينى مچنون.. بس انا بجد محتاج اتكلم معاكي ضروري.
خرج صوتها المندهش تلوح أمامه بكفها
تتكلم معايا في إيه بالظبط انا بيني وبينك إيه عشان يبقى في مابينا كلام ضروري
انا عارف ان مافيش مابينا حاجة ..بس انا غايب بقالي سنين طويلة عن البلد وكان يهمني اعرف منك......اللي مقدرش اسأل حد غيرك عنه ..ارجوكي اركبي معايا وانا اوعدك مش هاخد من وقتك كتير .
اركب معاك فين انت اټجننت اعرفك منين انا عشان اخرج معاك واكلمك عن اللي فاتك فى سنين غربتك بعيد عن البلد .
تكلم بمهادنة وقد كان حديثه يبدوا كرجاء
انا اسف حقيقي بجد .. بس لو مش عايزة تركبي معايا خلاص ممكن ندخل الكافيه اللي موجود هناك ده اخر الشارع ..بس أرجوكي ماتكسفنيش ..انا مافيش قدامي غيرك وانتي انسانة واعية جدا لتصرفات البنى الادم إللى بيكلمك..ان كان كويس ولا وحش.
انا أساسا متأخرة على خطوبة أختي ..يعني مش فاضية للخروج ولا الكلام أصلا.
طب ممكن نخلي القاء يبقى في يوم تاني !
خرج ردها بسؤال
طيب ممكن انت بالظبط تفهمني ..عرفت توصلي ازايولا عرفت تجيب عنوان مدرستي اللى بشتغل فيها منين
هز اكتفاه يجيبها بسهولة
عادي ..سألت عنك وعرفت !
..................................
حينما عادت الى منزلها ..كما توقعت تماما وجدته ممتلئ على اخره بالأقارب والجيران من سيدات اتت لتساعد والدتها في تحضيرات الحفل كإعداد بعض الأطعمة وبعض أصناف الحلويات بالإضافة لتحضير المشروبات الباردة ومعهم أطفالهم الذين كانوا يركضون ويلعبون بداخل البيت وكأنه ساحة للعب.. وفتايات يبدوا من اعمارهن أنهن اتين من أجل العروس التى كانت بغرفتها وأصوات ضحكاتها العالية مع الفتيات صادرة خارج الغرفة وبقوة.. سمعت صوت والدتها من المطبخ ولكنها لم تجرؤ للدخول إليها فقد كان مزدحم بالنساء حولها ..أكملت سيرها الى غرفتها الحبيبة وعندما همت لفتحها وجدتها مغلقة من الداخل فطرقت على بابها .. فوصلها صوت نسائي من داخل الغرفة
أنا فجر اخت العروسة وصاحبة الاوضة .
ابلة فجر ..أيوة صحيح .. معلش والنبى ياحبيبتى اصلي برضع الواد ..استنيني دقيقتين بس وافتحلك.. انا جارتك ام مروان اللي ساكنة فوقيكم على طول ..انتي عارفاني
تمتمت بتعب
طبعا عارفاكى ياستي .
زفرت بضيق وهي ترتد للخلف عائدة فلم تجد موضع قدم امامها لتستريح بها سوى غرفة أبويها المغلقة بإحكام وغرفة إبراهيم وهي لاتفضل إزعاجه في هذا الوقت.. فأين تذهب الان والغرفة الباقية لشقيقتها صاخبة بأصوات الفتيات ..قررت التوجه ناحية الحمام لتغسل وجهها ويديها..فتنفرد مع نفسها لبعض الدقائق.. حتى تنتهي ام مروان من إرضاع ابنها .
اغلقت الباب خلفها فور ان دلفت لداخله والټفت للمغسلة لتغسل بكفيها على وجهها بالمياه الباردة وهي مستمعة بطراوتها على وجهها قبل ان ترفع رأسها اخيرا لتنظر في المراة ..فوجدت انعكاس شبحه أمامها ..شهقت مخضۏضة وهي تلتف بكليتها للناحية الأخرى مزعورة فوجدته واقف خلفها بالفانلة الدخلية البيضاء وبنطاله الجينز الباهت القديم ..فتحت واغلقت فمها عدة مرات وهي تتشبث بحافة الحوض فلم يخرج سوى بعض الكلمات المتقطعة
انت ا.. انت ايه.. جيت ا ..ايه اللي جابك هنا
بكف يده اوقفها وهو يشير إليها قائلا بهدوء وصوت خفيض
وطي صوتك ..إهدي ..أنا هنا بغير حنفية الشطاف .. وانتي اللي ډخلتي ھجم تغسلي وشك على الحوض من غير ما تاخدي بالك مني وانا قاعد مقرفص تحت هنا عند القعدة .
وتيجي ..
بقولك وطي صوتك .
استجابت لمقاطعته فخرجت جملتها التاليه بهمس مع رعبها
وانت إيه اللي يجيبك حمامنا أساسا مافيش سباك هو اللي يقوم بالمهمة دي عنك
اجابها بثقة رغم همسه
في طبعا ..بس انا مقبلش حد غريب يدخل بيتكم وانا موجود والحاجات دي انا ياما عملتها بكل سهولة .
جحظت عيناها وفغرت فاهها مندهشة من هذا المتبجح ..همت لتتكلم ولكن أجفلها الصوت النسائي الصادر من قريب. فاستدارت برأسها فورا وهي تلمح خيال إمرأة وهي تتحرك من خلف الزجاج في أعلى الباب..كما يبدوا انها تبحث عن شئ ما في الخارج ..عادت اليه بنفس اللحظة تنظر بړعب قاټل ..عما قد يقال عنهم لو فتحت المرأة الباب الان ..من المؤكد سيتظن بها السوء وتتخيل بخيالها وضعا مشينا.
وجدته يشير بيده على فاهه حتى تصمت ولا تتحرك
لعدم اثارة شك النساء الثرثارت .. ما أثار دهشتها حقا هو هذا القلق الذي رأته بعيناه ووجهه الذي كان مغلفا بصرامة وجدية لا يشوبها أي مظاهر للتسلية أو العبث.
وقفت مذعنة لأمره ولكنها أشاحت بوجهها عنه وأعطته ظهرها المتشنج وهي ترتجف خوفا كطفل صغير ينتظر العقاپ .. وهي لا تشعر به من الخلف فقد كان خوفه عليها وعلى سمعتها الطيبة أضعاف .. مشفقا على عقلها مما يدور به الان من أفكار وهواجس تعصف بها مع هذا الوضع الغريب .. بمجرد ابتعاد المرأة خرجت على الفور راكضة
متابعة القراءة