رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل الثالث عشر إلى الفصل الثامن عشر_
لم يتخلص منه يوما فقد كان هدية من تلك الحبيبة المخادعة التي ركضت لاهثة خلف والده
هو أنت زعلت يا بيه
نظر نحو قهوته التي بردت كحاله
القهوة بردت يا فتون.. لو سامحتي أعمليلي غيرها
انصرفت من أمامه حتى تتخلص من ربكتها.. فعلى ما يبدو وقد فهمته إنه قد تضايق منها
أعدت له فنجانا أخر تخاطب نفسها وهي تعده
لطمت رأسها حتى تفيق من سطحتيها التي نبهتها عليها السيدة ألفت قبل رحيلها من هنا
حملت فنجان القهوة بإرتباك إليه.. لتقف مكانها تهتف به قبل أن يغادر بعجالة
القهوة يا بيه
لا رد تلقته فها هي تعود بفنجان القهوة كما هي.. ولكن مهلا فلتتذوق طعم صنيعها.. تذوقت بضعة رشفات منه تتسأل كيف يعجبه مذاقها.. ورغم مرارة القهوة إلا أن لها عشاق والمرء لا يهوي أحيانا إلا مذاق المرارة.
والطفل الصغير الذي يرقد أمامه على سرير المشفى بوداعة ويقبض على كف والدته التي تجاوره حتى لا ترحل وتتركه كما تركته منذ ساعات يخلق داخله شعور جميل يجعله يبتسم
كله تمام يا بطل
الطفل يرمقه في صمت.. والأم تمسح دموعها تشكره وتتمنى أن يصبح يوما مثله
يارب أشوفه زيك يا دكتور
دلف حجرة مكتبه بالمشفى يجلس على مقعده يريح ظهره للخلف ودون أن يشعر كان يجد يده على شاشة هاتفه يتفحص صورهم في تلك الرحلة القصيرة التي سرقوها من الزمن .. اللحظات الجميلة كانت تعود لټقتحم فؤاده وعقله وهو كان أكثر من مرحب
يده أخذت تتحرك على ملامحها يتمنى لو كانت صاحبة الصورة أمامه ېلمس تفاصيلها ويغرق عشقا بها
ودون أن يشعر كانت الأبتسامة تشق شفتيه يتذكر ذلك اللقب الذي كان يطلقه عليها في الصغر فتتذمر حانقة وتركض من أمامه باكية
الأرنبه الصغيرة
والذكريات تأخذه لأيام مضت آوانها ولكن القلب كان يخزنها وكأنه يعلم أن يوما سيأتي والارنبة الصغيرة سيهيم بها عشقا
نظرت نحو الكعكة التي أتمت صنيعها سعيدة بشكلها البسيط..لا تعرف لما صنعتها بعدما لم يعيرها إهتماما بتهنئتها البسيطة
مر الوقت وقد مر موعد غداءه وقد جاء موعد إنصرافها
القت بنظرة أخيرة على الكعكة وقد وضعتها داخل البراد ورتبت المطبخ.. علقت حقيبتها على كتفها ورحلتها في العودة قد بدأت تفكر هل عاد السيد سليم ورأي كعكتها هل تذوقها أم لم يأتي بعد
فانتفض جسدها بأكمله ومن أثر الصدمة لم تستطيع الصړاخ وقد فات الآوان فصاحب اليد قد كمم فمها وأغلق الباب خلفه يهمس جوار أذنها
وأنا اللي كنت فاكرك غلبانه وشريفة طلعتي زيهم
والصوت تعرف صاحبه تماما.. إنه هو.. صديق زوجها ذلك الذي أستباح لمسها وجعلها لليالي تنتفض مڤزوعة خوفا من كابوسها
طب كنت قوليلي إن حسن مش مكفيكي وعايزه..
والكلمة البذيئة شوهت براءتها... يده تحركت ببطء على مفاتنها
ولا البيه حاجة تانية..
قضمت كفه بعدما تمكنت أسنانها منه.. ليدفعها صارخا
يا بنت
يا ناس.. إلحقوو...
ولكنه كان أسرع منها يجثو فوقها
يا بنت.. أنت فاكره لو الناس جات هيفتكروا أن أنا اللي بتهجم عليكي.. لا فوقي لنفسك
حرام عليك أنت بتعمل كده ليه.. أنا مرات صاحبي
ضحك مسعد مستمتعا وقد عاد يكمم فمها بعدما تمكن من محاصرتها
صاحبي غرقان في العسل مع الرقاصة.. وأنا شايفك محتاجه الحنان بدل ما أنت مقضياها مع البيه
تسارعت أنفاسها تدفعه بكل قوتها ولكنه كان أقوى منها يعرف تماما كيف يكبل ضحيته
لو كنت شريفة مكنتش فكرت فيكي كده.. لكن كلكم صنف واحد
تلك الطرقات كانت طوق النجاة لها... حاولت الصړاخ ولكنه كتم أنفاسها
مافيش حد هنا..
صوت جارتها الجديدة تلك العروس التي لا تعرف عنها شيء إلا إنها عروس جديدة سكنت في شقة السيدة إحسان
خلاص يا هناء أنا هطلع أسأل الجيران اللي فوقينا إذا كان الميه مقطوعه عندهم هما كمان ولا إحنا بس
الأصوات قد أبتعدت كما أبتعد هو يرتب ملابسه بعدما دب الذعر في أوصاله يرمقها
لينا لقاء تاني..
غادر بعدما إطمئن أن الجيران دلفوا لشقتهم والوضع أصبح آمن
حدقت بالباب الذي أغلقه خلفه لا تقوى على الحركة ولا تستطيع أن تتنفس.. ولم تشعر بحالها إلا وهي تلطم خدها وسائر جسدها.
........
يغرز الشوكة بالكعكة ينظر نحو القطعة الصغيرة التي علقت بها.. لقد عاد حتى يصرفها دون عودة مهما بكت وتوسلت.. ولكنه وقف مذهولا أمام الكعكة بعدما فتح البراد يجلب لنفسه زجاجة ماء
عيناه ظلت عالقة بالكعكة.. فما السبيل أمامه وكل شيء يجعله يعود للنقطة التي هرب منها.. عاد يغرز الشوكة بقوة داخل قالب الكعكة.. الخادمة تتلاعب به أم شيطانه الذي بات يتلاعب به .. هو يعرف النساء من أعينهم وفتون أبعد عن أن تكون بتلك الصورة.. فتون مازال داخلها قلب طفلة بريئة لم تكتشف قسۏة الحياة بعد ولا نوايا البشر وخاصة الرجال ولو ظهر سليم الذي يحميها منه لكانت اليوم ساقطة معه في بئر الخطيئة وستكون خير مرحبة بهذا
حدق بالكعكة مجددا وكأنه يحدق بها ولم يشعر بنفسه إلا وهو يتذوق طعمها الذي وضعت فيه سعادتها وهي تصنعها له.. نظر نحوها بعدما إلتهم نصفها وكأنه ليس ذلك الشخص الذي كان عليه منذ ساعات
........
العبارة أخترقت أذني كاميليا التي كانت جالسة في البهو تتصفح إحدى المجلات النسائية
ياريت يا ماما تبلغي خالتي أننا هنزورهم بكره
القى عبارته وأكمل سيره نحو الخارج.. فانتبهت كاميليا على حالها ونهضت مسرعة تلحقه
رسلان أستنى.. فهمني طيب إيه الزيارة المفاجأة ديه لخالتك
وقف جوار سيارته ينظر نحو ملامح والدته المستكينة
تفتكري يا ماما هنحدد ميعاد مع خالتي ناهد ليه
ابتلعت كاميليا ريقها تتمنى أن تسمع ما يتمناه قلبها
ليه يا رسلان
هطلب أيد بنت خالتي
والسعادة تراقصت على ملامح كاميليا غير مصدقة أنه فاق أخيرا من غفوته وأدرك أن ملك لا تناسبه.. ولم تغفل عيناه عن تلك السعادة التي رأها فوق ملامحها
تمام يا حبيبي.. هكلم خالتك
ياريت يا ماما متقوليش تفاصيل الزيارة لخالتي.. خليها مفاجأة
اتسعت أبتسامة كاميليا وعقلها يأخذها للطريق الذي انتظرته.. أحتضنته بقوة فضمھا إليه يسمع مباركتها
مها عروسة هايلة يا رسلان وبنت خالتك ومتربية قدام عنينا وعارفين أصلها اللي يشرف أي حد
مها وهل مها وحدها هي أبنة خالته
يتبع..
بقلم سهام صادق