رواية أسرار عائلتي بقلم أروى مراد
المحتويات
غرفتها لبرهة وهو يطالع بابها بشرود إبتسم بعدثوان ثم تابع نزوله وهو يفكر في شيء ما كان قد علق بباله منذ أيام ..
دخلت غرفة الطعام بعد إستيقاظها في وقت متأخر على غير عادتها فوجدت عائشة وبراءة تجلسان معا وتتناولان طعام الإفطار إبتسمتلهما قائلة
_ صباح الخير .
_ صباح النور .
غابت قليلا داخل المطبخ ثم عادت وبيدها كوب من الحليب الساخن وجلست بجانبهما مردفة
طالعتها عائشة بحاجبين مرفوعين هاتفة بحماس
_ هتجيبه بجد أنا متحمسة عشان اشوفه .
_ وانت يا بيرو مش متحمسة عشان تشوفيه
تساءلت بدور مخاطبة براءة فهزت الثانية كتفيها بعدم إهتمام قائلة
_ مش أوي أنا عايزة اصاحب بنات في سني وهو ولد وأكبر مني بأربعة سنين .
_ هنشوف !
إرتشفت قليلا من كوب الحليب ثم أردفت بتفكير
_ وبما ان أمجد فاضي النهاردة ايه رأيك نقوله يودينا الملاهي مثلا
أومأت عائشة بإستحسان
_ فكرة حلوة بس لو مش هنضايقه طبعا .
_ لا لا متقلقيش مش هيتضايق أمجد ده أطيب خلق الله وهيوافق على طول مش زي بعض الناس في أم العيلة دي !
همست عائشة بتذمر فلوت الأخرى شفتيها معقبة بسخرية
_ طبيعي هيبقوا طيبين بس معاك انت وبس لأن الأول أخوك والتاني جوزك .
أخفضت عائشة رأسها بخجل عند سماع كلمتها الأخيرة فرفعت بدور أحد حاجبيها مصطنعة الصدمة وهتفت
_ ايه ده انتو مخطوبين من خمسة شهور وكاتبين كتابكم
ثم زمت شفتيها وهي تضيف بحسرة
_ والله ياسين صعبان عليا اوي مش عارفة هتعملي فيه ايه تاني بعد الفرح بس تصدقي متوقعتش يبقى هو أول حد يتجوز من العيلةبس عرف يختار .
ختمت كلامها ببسمة فبادلتها عائشة ببسمة صغيرة وتمتمت
_ عقبالك انت ورسلان .
طالعتها بدور پصدمة وتحدثت بتلعثم ووجه متورد
غمزت لها الثانية بخبث قائلة
_ فاكراني مش شايفة نظراتك ليه كل ما تشوفيه
لم تستطع بدور الإنكار أو حتى إجابتها فإكتفت بالإشارة لها بعينيها إلى براءة لكنها تفاجأت بهذه الأخيرة تقول ببرود دون أن تنظر إليها
_ عادي عادي خليها تقول الي هي عايزاه أنا برضه ملاحظة نظراتك ليه وبابا برضه ملاحظ .
_ أعتقد أن عمو رسلان برضه ملاحظ والكل عارف تقريبا ان في حاجة بينكم .
_ مفيش حاجة والله !
صاحت بدور بإندفاع لكنها فوجئت بعائشة ترمقها بنظرات ماكرة وتقول
_ يعني بتنكري انك بتحبيه
نفت برأسها سريعا
_ لا طبعا بحبه ايه ده اخويا !
_ كلنا عارفين انه مش أخوك متحاوليش تنكري ده حتى مريم لاحظت غيرتك عليه من أول مرة جت فيها هنا .
زفرت بدور بتذمر وصاحت
_ قولتلك مش غيرة ولا حتى حب انت ليه مش عايزة تفهمي أنا شايفاه زي أخويا وبس !
إبتسمت عائشة بإستمتاع ولم تكد تتحدث حتى لاحظت دخول أمجد وهو يلقي عليهم تحية الصباح
_ صباح
الخير .
_ صباح النور .
جلس بجانب بدور ثم وضع رأسه فوق ذراعيه على الطاولة وأغمض عينيه في إستعداد تام منه للعودة إلى النوم .. طالعته بدور بإستغرابووكزت ذراعه قائلة
_ أمجد انت كويس
تمتم دون رفع رأسه
_ ايوة بس منمتش كويس امبارح .
أومأت بتفهم ثم أردفت
_ طب مين الي هيودينا للملاهي دلوقتي
لم تتلق أي رد فقد غط في النوم في ثوان أخفضت بدور رأسها بيأس وهمست مخاطبة عائشة وبراءة
_ للأسف مفيش ملاهي .
دخلت القصر وهي تمسك بيد شقيقها الصغير عندما وجدت والدتها تتجه نحوهما ثم تنحني لتقبل وجنة إبنها هاتفة
_ سفسف حبيب ماما عامل ايه
إبتسم لها قائلا بتذمر
_ إسمي سيف يا ماما سيييف مش سفسف .
ضړبت رحمة مؤخرة رأسه قائلة
_ احمد ربك انها بتعبرك أصلا ! أنا بنتها الكبيرة والأولى ومش بتعبرني زي ما بتعمل معاك .
ضحكت كريمة ووقفت لتعانقها قائلة بحب
_ بنتي الغيورة رحومة عاملة ايه
بادلتها العناق وهي تجيب
_ الحمدلله يا ماما المهم بقى أنا رايحة للبنات هما فين
قالت الأخيرة بحماس فأشارت لها والدتها إلى قاعة الجلوس لتمسك بيد شقيقها ثانية وتتجه به إلى الداخل مردفة
_ طيب اشوفك بعدين يا حبيبتي .
لمحت الفتيات تجلسن بقاعة الجلوس فصاحت
_ صبااح الخير يا قمرات !
إلتفتت ثلاثتهن إليها ثم رددن بصوت واحد
_ صباح النور .
إقتربت منهن وهي تشير إلى أخيها
_ ده أخويا الصغنن الي حكيتلكم عنه سيف ..
حك سيف رأسه ببعض الإحراج وتوردت وجنتاه رغما عنه ثم رفع رأسه مستعدا لإلقاء التحية لكنه وجد بدور تجلس أمامه ثم تقرص وجنتيهوتصيح رافضة تركهما
_ احلفي ده كيوت خاالث هو وخدوده الحمرا الي أنا عايزة اكلها دي !
أبعد يديها عنه وصاح بتذمر
_ أنا مش صغير عشان تعمليلي كده على فكرة أنا عندي عشرة سنين .
كتمت بدور ضحكتها على طريقته ودنت منه عائشة قائلة
_ فكك منها يابني بدور دي بتعامل الكل كده .
أنهت كﻻمها وهي تقف أمامه وتنحني لتصل إلى مستواه مردفة
_ أنا عائشة .
مد يده ليصافحها كالكبار فسحبت خاصتها بعد ثوان وأضافت مشيرة إلى براءة
_ ودي براءة .
طالع تلك الفتاة الصغيرة التي تشير إليها عائشة فهم بالحديث وإلقاء التحية لكن براءة أشاحت بوجهها قائلة
_ أنا مش بسلم على ولاد على فكرة .
لوى شفتيه بقرف وتحدث
_ وأنا مكلمتكش أصلا .
إغتاظت منه لكنها حافظت على برودها ولم تجب بينما كانت الفتيات تتبادلن نظرات الإستغراب بينهن ثم إنفجرن في الضحك .. زفرت براءةبضيق منهن ووقفت لتذهب إلى غرفتها التي خصصت لها لكنها توقفت وهي ترى سيدة تدخل القصر فركضت نحوها صائحة
_ دادة سمااح ! اتأخرت ليه النهاردة
إستلقى على فراشه بتعب فور عودته إلى البيت ونظر إلى سقف غرفته بشرود .. كان يفكر في تلك التي سلبت عقله منذ سنين والتي لميتقدم لخطبتها سوى منذ ثلاثة أشهر بعد أن أخبر والده بإرادته تلك .. ولكنها رفضته !
زفر بهم وهو يذكر عندما أخبره خالها بأنها رفضت رؤيته حتى .. لكنه لم يستسلم وقام بخطبتها ثانية وها هو يتلقى الرفض الثاني .
مسح على وجهه وكأنه يحاول إزالة همه عندما وجد إبن عمه يفتح الباب فجأة ويدخل الغرفة دون إستئذان .. إعتدل يامن في جلسته على السرير هاتفا بضيق
_ كام مرة هفضل اقولك استأذن قبل ما تدخل يا آدم
تجاهل آدم كلامه وهو يقترب منه ثم جلس بجانبه قائلا
_ رفضتك
تاني
أومأ يامن بتنهيدة فزم الآخر بضيق وأردف
_ ما تفكك منها يابني دي رفضتك مرتين مش مرة
_ كنت متأكد انها هترفضني أصلا .
رفع آدم أحد حاجبيه بإستغراب وتساءل
_ ليه
_ لأنها لما شافتني أول مرة هنا كانت فاكرة اني اني كنت عايز اتسلى بيها .
زم شفتيه بتفكير ثم قال
_ طب ما تتكلم معاها انا متأكد انها لو عرفت انك بتحبها من وانت صغير مش هترفضك .
شرد
يامن في كلامه ثم أومأ بإستحسان قائلا
_ فكرة برضه .. بس يا ريت توافق تسمعني !
كانت عائشة تقف في شرفة غرفتها الجديدة بعد مغادرة رحمة وتراقب ذلك الذي أصبح زوجها منذ البارحة وهو يجلس في ذلك المكان الذيخصصه لنفسه للرسم ولم تكن تعلم بأنه رغم أنه كان يوليها ظهره إلا أنه شعر بوجودها وإبتسم رغما عنه .. إبتعدت بعد ثوان عندماإستمعت إلى صوت شقيقها يطلب منها الإذن بالدخول فصاحت
_ ادخل يا خالد .
دخل خالد ببسمة مزيفة رسمها على ثغره فور رؤيتها فشعرت بالقلق وتساءلت
_ مالك يا خالد انت كويس
أغلق الباب وإتجه ليجلس على سريرها بعد أن قام بمحو تلك الإبتسامة وتمتم
_ في حاجة عايز اقولهالك ..
جلست بجواره وقد إعتلت ملامح الحيرة وجهها وإنتظرت منه المبادرة في
الحديث .. أخذ نفسا عميقا ثم حاول إخراج الحروف من حلقه لكنهعجز عن ذلك جاعلا القلق يتسرب إلى قلبها أكثر . نطق أخيرا بعد ثوان بهدوء
_ أبوك دخل السچن يا عائشة .
قال ذلك ثم طالعها بطرف عينه مترقبا لردة فعلها لكنه تفاجأ بهدوئها رغم لمعة الحزن التي ظهرت بعينها للحظة . ظن أنها لم تسمعه فكرركلامه بقلق
_ عائشة بقولك أبوك دخل السچن !
أومأت برأسها مؤكدة له سماعها لما قال أغمضت عينيها غافلة عن تلك الدمعة التي نزلت على خدها وهمست بهدوء عكس حالتها
_ كنت عارفة ان ده هيبقى مصيره ربنا يهديه بس مش عارفة اقول ايه غير كده .
_ وماما
_ اتطلقت منه خلاص .
أومأت بتفهم ولم تنطق بحرف عم الصمت بينهما لبعض الوقت قبل أن يقطعه صوت طرقات على الباب .. إبتعدت عن شقيقها بإستغراب ثمهتفت بعد تبادلها النظرات معه
_ ادخل .
فتح الباب ليظهر منه ياسين بإبتسامته الهادئة ثم دخل وهو يلقي السلام قبل أن ينظر إليهما بإستغراب لوضعهما أخفضت عائشة رأسهابخجل يسيطر عليها كلما رأته بينما رمقه خالد بحاجب مرفوع وصاح
_ عايز ايه من أختي يالا
تجاهله ياسين وهو يجلس إلى جانبها من الناحية الثانية ثم قدم لها ورقة كانت بيده محافظا على نفس بسمته وهمس
_ بصي رسمتلك ايه
أمسكت بها بتردد ونظرت إليها قليلا قبل أن تتورد وجنتاها بخجل وتخفض رأسها هامسة هي الأخرى بصوت يكاد يسمع
_ ش .. شكرا .
إختطف خالد نظرة نحو الرسمة رغم غيظه من تجاهل إبن عمه له لكنه تفاجأ به قد رسم أخته وهي تجلس في ركن من الحديقة وتلاعب طفلاكانت ملامحه مشابهة لملامح ياسين تماما .. تجاهل أمر الطفل وهتف بحدة مخاطبا إياه
_ انت لحقت تحفظ ملامح وشها امتى عشان ترسمها من غير صورة ليها
أجابه
بهدوء مستفز وهو يمسك بيدها متسببا في إحراجها أكثر
_ كانت خطيبتي ودلوقتي بقت مراتي يعني يحقلي ابصلها زي مانا عايز .
عقد خالد حاجبيه بغيظ وفتح فاه بنية الصړاخ في وجهه لكنه صمت وهو يرى ياسين الذي تجاهله تماما وهو يحدث أخته بلطف قائلا
_ طب هتعلقيها فين دي
قال ذلك ثم رفع رأسه ينظر إلى جدران الغرفة التي إمتلأت بالصور التي كان يرسمها لها في فترة خطوبتهما وأردف
_ احنا لازم نلاقيلها مكان مميز هنا .
إغتاظ خالد بشدة وهو يرى تقربه منها وإمساكه ليدها ثم طريقة حديثه معها فوقف پغضب وإتجه نحوه ثم سحبه ليقف بمواجهته قائلا
_ تعالى ..
حاول سحبه للخروج لكن ياسين أبعد يده عنه متسائلا بإستغراب
_ في ايه
_ محتاج اتكلم معاك في موضوع مهم .
قال ذلك وهو يسحبه
ثانية إلى أن وصل إلى الباب لكن ياسين أبعد يده عنه ثانية وهتف
_ دقيقة واحدة !
_ انت بتعمل ايه يا
_ تعالى ياخويا
متابعة القراءة