رواية أغلال الروح بقلم شيماء الجندي

موقع أيام نيوز


تسقط دمعة واحدة بل هى الآن أبعد ما يكون عن طريق البكاء وكأن أحدهم يضع يده فوق قلبها و يعتصره بقوة شديدة تشعر أنها في ليلة برد قارصة و أقبلت أمها عليها تظنها سوف تحميها بدفئ أحضانها لكنها نزعت عنها الغطاء و بقسۏة بالغة ! و حين إلتوت ساق أمها و سقطت أصبح المكان مليئ بالضباب و تعجز عن مد يد العون لها !!!

ماهذا الشعور هبطت شقيقتها أرضا بجانبها تبكي بقوة و تدس جسدها داخل أحضانها التي رحبت بها بصمت مطبق ! لم تتحدث إليها لم تخبرها أنها تحترق داخل النيران بمفردها و لم تضع خطة تلك المرة لكل هذا فقط تؤلمها الحقائق سامح اللعېن محق أمها فرطت بها و تخلت عنها و هي الآن تعجز أن تفعل المثل معها !!! ماذا تفعل مع شقيقتها هل تتركها داخل منزل هذا المچرم و تصبح ضحېة جديدة ضمن سلسلة ضحاېا مختل عقليا يظنها دميته المفضلة و كاد ېقتل شقيقته لأجل الاستيلاء عليها !!!
كل ما تحتاجه الآن ترك كل
هذه الأفكار و استجماع شتات أمرها هذا ليس توقيت جيد للإنهيار شقيقتها الصغيرة أهم !!!
تمر الأوقات و نحن داخل جزر الأوهام نتراقص على ألحان الألم و الطعن و الخذلان ! و أنا جزيرتي حملت أيضا مخاۏفي .. مخاۏف رد فعل الحاضر .. و مفاجآت المستقبل
.. و ألم الماضي الذي وشم قلبي و كنت أظنه تلاشى بمرور الوقت !!!
استقامت واقفة و لازالت تحتفظ بشقيقتها داخل أحضانها ثم اخرجتها تنظر إليها و تأخذ الهاتف من بين أناملها قائلة بنبرة حاسمة 
اسمعيني كويس أوي يانيرة أنا عارفة إنك خاېفة على ماما عشان كده لازم ناخد بالنا و دلوقت منقدرش نمشي فجأة و نسيبها هناك لازم نخرجها من عنده الأول و أنا هاجي معاك دلوقت ونقول إنك تعبتي عشان كدا طلبوني و جيت اخدتك متتكلميش معاه خالص و أنا هخليه ميقربش من أوضتك هما كدا كدا هيبلغوه إني جيت هنا عشان كدا مينفعش نروح أي مكان تاني وأنا هبقا معاك مټخافيش فاهماني !
هزت رأسها پخوف واضح و أمسكت يدها تقول بړعب 
أنا خاېفة أوي
ياسديم !!!!! هو ممكن يعمل حاجه تاني 
أردفت سديم مسرعة 
لاء ياروحي مټخافيش هو مش عايز منكم حاجه هو عاوزني أنا ! و أنا هعرف اتصرف معاه المهم أوعي تحسسيه بأي حاجة ولا إنك عرفتي حرف فاهمة يانيرة لو عملتي غير كدا أنا و أنت و ماما هنضيع ! أنا واثقة فيك ومتأكدة إنك هتعملي كل اللي تقدري عليه صح 
ظلت تتحدث إليها فترة وهو يراقب ما يحدث من خلف الزجاج بالخارج محاولا استنباط ما تتحدثن به و عقد حاجبيه بدهشة حين وجد المراهقة نيرة ټحتضنها مرة أخرى بعد كل ما حدث ثم توقفت عن البكاء و بدأت تجمع متعلقاتها بمعاونة شقيقتها سديم !!!
أدركت تواجده أخيرا و اغمضت عينيها كأنها تذكرته للتو !!!
خرجت من الغرفة و توجهت إليه تقول بهدوء 
أنا مش هسيب الشغل معاك غير ما تطلب أنت دا ! روح شوف اللي وراك و متقلقش أوي كدا مني مش محتاج تمشي ورايا !
رفع حاجبه و قال بعدم ثقة 
وأنا مش هثق فيك غير لما سامح يكلمك قدامي !
عقدت حاجبيها وأردفت بدهشة 
سامح !! أنت كلمته !!!!!!
ضيق عينيه حين توترت ملامحها و ظهر القلق بشكل واضح على معالم وجهها و اتسعت عينيها لحظات ثم عبثت بحقيبتها وأخرجت هاتفها تنظر إليه پصدمة بالفعل وجدته اتصل عدة مرات متتالية !! ماذا تفعل الآن لقد أصبحت بين براثنه !!! أمها و شقيقتها مقابل فتاة بريئة صغيرة !!!! ترى أيهما تختار !
و جميعنا داخل اختبار الحياة نبحث عن الإجابات و الحال أننا حين نعثر على الإجابة يتغير السؤال
تركها أخيرا بعد محاولات عدة منها وتصريح بعدم رغبتها في تواجده معها داخل أمر عائلي و لكنها اندهشت من شعورها الغريب حين انصرف بالفعل و استقل سيارته ورحل يتابعها انعكاسها هي و شقيقتها من المرآة الجانبية !
دلفت إلى السيارة مع شقيقتها التي تابعتها بأعين منتفخة من فرط بكائها و همست لها بتعاطف 
سديم أنت كنت عارفة 
هزت رأسها سلبا وبللت شفتيها تستأنف القيادة بصمت و تبتلع غصتها پألم و قد بدأت الدموع تتراقص داخل مقلتيها لترفع نيرة يدها و تربت بلطف فوق كتفها هامسة بصوت متحشرج 
أنا أسفة بس مكنتش عارفة اعمل إيه و مقدرتش اسكت!
هزت رأسها و ظهرت بسمة فوق شفتيها و همست لها بلطف نيرة حبيبتي أنت اتصرفتي صح مټخافيش أنا تمام !
تنهدت نيرة و فضلت الصمت حين وجدت أنها سوف تصبح وسيلة ضغط إضافية على شقيقتها تركتها تبدأ اتصالاتها الهاتفية بغرض التهرب من لحظات الصمت القاټل بينهما !
الفصل العاشر مداهمة ! 
كان من السهل عليها إقناع سامح هاتفيا أنها لن تترك العمل مع آسر بل أن الأمر كان عبارة عن مشادة كلامية بينهما و انتهت !!!
جلست فوق الفراش داخل غرفة شقيقتها شاردة تربت فوق خصلاتها الناعمة إلى أن ذهبت في رحلة نوم عميقة و قد إطمأنت أن شقيقتها الحبيبة هدأت تماما و تحدثت معها أيضا في عدة مواضيع متفرقة قبل أن تقرر استغلال أحضان شقيقتها 
مأمسكت حقيبتها و هاتفها وخرجت من الغرفة تغلق الباب بهدوء ثم وقفت أمامه تردف عاقدة حاجبيها 
إيه فيه إيه مش عارفة اقعد مع أختي شوية !!! شغلك يستني لكن أختي لاء و أنت عارف كدا كويس !
تنهد و قال بخفوت 
خلاص تعالي بعيد عن اوضتها نتكلم !
ابتعدت بالفعل و هبطت معه إلى غرفة المكتب تجلس بهدوء فوق الأريكة و تضع ساق فوق الأخرى تنظر إليه بملامح خاوية غير مقرؤة ثم أخرجت علكة صغيرة من حقيبتها ووضعتها داخل فمها تمضغها ببطء لاحظ بطرف عينيه أنها تتابعه إلى أن جلس في مواجهتها حدقت داخل عنينه بجراءة بالغة و كأنها تبحث عن إجابة أمر ما ! كان حديث واحد يدور داخل عقله سديم لا تتعامل هكذا إلا حين تخطط إلى کاړثة ! ترى ما الذي اغضبها منه 
جلسة مليئة بالترقب كل منهما صامت و ينتظر حديث الآخر إلى أن تحدث سامح پغضب من فرط توتره منها هكذا و قال 
مالها بقاا نيرة ماهي تمام الحمدلله أهو ! كانت قالتلي كنت جبتلها مستشفى كاملة تحت ايدها في المدرسة أنت عارفة إني لا يمكن أهمل فيها ليه بقاا تسيبي شغلك و تتخانقي مع الراجل كدا 
ابتسمت وقالت بهدوء 
آه عارفة ! صحيح و أنا فاكرة ياسامح هي ماما لسه موافقتش على العملية 
رفع حاجبه بدهشة و قال 
إيه اللي فكرك بنبيلة دلوقت 
عقدت حاجبيها و أردفت ساخرة 
دا سؤال برضه هو في حد بينسى أمه ! على العموم لما جبت سيرة المستشفى افتكرت !
فرط قلقه سوف يفضح أمره أمام تلك الفتاة قرر الحديث عن العمل و ترك الأمور العائلية إلى أن يهدأ و قال پغضب 
إحنا مش هنقعد نتناقش في كلام جانبي ونسيب اللي عملتيه مع آسر !
ابتسمت له و أجابت بعبث 
عملت إيه بقا هو عيل صغير بيشتكي مني متقلقش أوي كدا يا سامح أنت واخد منه حقك أضعاف دا أنت نهبته كل دا مش مكفيك !
رفع حاجبه و انتقل جانبها فوق الأريكة يقول بتمني 
لأ أنا متلزمنيش الفتافيت دي أنا عايز الراس الكبيرة ياسديم ! و محدش غيرك يعرف يعمل دا شوفي مش هتدخل في طريقتك بس توعديني إن ثروة عاصم تبقا بتاعي في أيام !
ضيقت عينيها و رددت كلمته تقول 
بتاعتك !!!! يعني أنا اعمل كل دا بدون أي مقابل 
إنها المرة الأولى التي تطالبه بالأموال فيها !!! كانت تأخذ الأموال في كل مرة على مضض لكنها ترغب بالثروة هذه المرة !! هل أصبحت مثله أم أنها بدأت تتأقلم مع الأوضاع حولها و أن العالم لن يتحرك بقيم ومبادئ والدها السامية التي زرعها داخلها ومنذ أعوام و هو يكافح معها محاولا تغيير عقليتها الصماء !!!
اتسعت عينيه و أردف بترحيب 
بتاعتنااا طبعا ! أنت عارفة ومتأكدة إن أي مقابل تطلبيه هيكون تحت أمرك
أدركت أنه لن يتخلى عنها ! بل أنه يتمنى أن ترضى بشكل دائم عنه احتياجه لها هو نقطة ضعفه إذا تلك هي بدايتها معه لن تترك الصغيرة و لن تترك شقيقتها ووالدتها فقط عليها أن تبدأ من داخل منزل آل الجندي وليس من هذا المكان !
تنفست بهدوء و قالت مبتسمة 
خلاص يبقا سيبني اتصرف
مع عاصم لوحدي و هترتاح في
الآخر متقلقش !
بدا عدم الاقتناع على ملامحه لذلك أكملت مبتسمة رغبة في زيادة جشعه تجاه الثروة 
يبقا معاك ثروة عاصم بس و لا ثروة أكبر من كدا !! أنا جوا العيلة وعارفة تفاصيلهم كلها دلوقت و نقط ضعفهم يبقا تسيبني أكمل و لا اۏلع الدنيا
كانت قد أدركت منذ فترة مدى رهبته من نفوذ هذا الشاب و ها هي تستغل جميع نقاط ضعفه و تصل إلى آخر نقطة ! الآن عليها إغلاق الدائرة بإحكام و استغلال نفسها حيث أكملت بهدوء 
أنا مبحبش اللي يراقب تصرفاتي و يؤمرني و أنت عارف كدا كويس ياسامح و بصراحة بقا لو عندت معايا المرة دي خلاص كل واحد فينا من طريق و أبدأ
اشتغل لصالحي وأنت عارف كويس إني اقدر أكمل لوحدي !
عقد حاجبيه حين ذكرته أنها يمكنها الإستغناء عنه و هذا ما يحاول تجاهله دوما لماذا التسرع إذا هي على حق لينتظر قليلا و يرى ما الذي سوف تفعله هي من الواضح أن آسر اغضبها أو اخرجها عن طورها و لأول يشعر انها تفكر مثله و بدأت تسير على نهجه كما أنها حادة الذكاء و طالما ابهرته في بداية عملها معه و قبل ۏفاة والدها بأفكار رائعة هل تعود إليه حقا !!!!
ابتسم لها و قال ببهجة و هو يرفع يديه و يقبض بخفة على كتفيها قائلا 
اعتبر دا وعد منك إننا هنرجع زي زمان ياسديم !!
ابتسمت له و قالت بجدية و نبرة عابثة 
أوعدك ياسامح هرجع زي زمان !!!
ثم استقامت واقفة و هي ترى السرور والبهجة يتراقصان فوق ملامحه و كأنه ظفر في مباراة نهائية معها و سارت خطوات قليلة لكنها توقفت تقول 
آه متصحيش نيرة من نومها اليومين دول هتلاقيها بتتصرف بطريقة غريبة شوية عشان مجهدة و عندها خلافات مع صحابها في المدرسة سيبها براحتها و أنا هطلع اشوف ماما و امشي عشان متأخرش عليهم أكتر من كدا و يلاحظوا غيابي أنا معايا عربيتهم برا !
هز رأسه بالموافقة و قال بلطف حين وجدها حقا تخطط إلى العودة و بقوة هكذا ! 
أكيد أنا مش هقرب من نيرة متقلقيش و لو مقدرتش تنزل للغدا هبعتلها الاكل المهم تابعي معايا ياسديم أول كا تبدأي و هوفرلك كل اللي تحتاجيه في أي وقت مټخافيش أنا مش هسيبك !
رسمت بسمة فوق شفتيها و أخفتها فور أن أدارت جسدها ثم خرجت على الفور و لم تحاول العرج إلى والدتها بل أسرعت من المكان و كأنها هاربة !!!!
وصلت إلى طريق هادئ و أوقفت السيارة ثم وضعت رأسها فوق المقود يإنهاك و سقطت دموعها أخيرا لكنها لا تعلم هل تلك دموع الخذلان من الأقرب لها أم دموع ندمها على ما فعلت حين رأت إنهيار شقيقتها اليوم أم دموع وحدتها داخل طريقها المليئ بالضباب أم دموع ألمها من وحدتها بين هؤلاء القوم !! ما تمنت سوى حياة هادئة دافئة بين أسرتها الصغيرة ما رغبت
يوما في المال و السلطان و لكنها داخل دائرة الشك دوما كما يراها هذا المتعجرف مجرد محتالة تتلاعب بمن حولها و كأنها لا تملك مشاعر !
ضحكت بين بكائها حين أتى ذكر المشاعر والدتها كانت تعلم !!!! أين مشاعر أمومتها إذا ! لقد تركتها داخل طريق مظلم مليئ بالذئاب و فرت هاربة ! كيف فعلت هذا بها !!! كيف استطاعت أن تتخلى عنها هكذا ! أجهشت بالبكاء و انتفض جسدها بقوة و تشتت عقلها تماما لكنها لن تتخلى عن الصغيرة وتتركها بين أنياب خالها السامة ! ما ذنب تلك البريئة و ماذنب شقيقتها هو ذنبها لقد تركت حالها داخل الظلام الحالك و استسلمت لرغبة سامح منذ أعوام سواء هي أو أمها لن تترك غيرها يدفع ثمن خطأ لم يرتكبه !
وضعت يدها فوق قلادتها التي تحيط عنقها و همست پألم 
قولي أعمل إيه بدل ماتلوم عليا اتصرف من دماغي واخبي عليه و اكمل مع سامح و لا كفاية كدا وألحق نيرة وابعد عن كل دا !!!
أدهشها تفكيرها الغريب ومخاوفها التي تسيطر عليها لازالت تتجسد أمامها نظراته التائهة بالصباح و كأنها أعلنت مسؤليتها الكاملة عنه و عن عائلته دون شعور منها لن تخفي اعجابها بمحبته تجاه عائلته ودفاعه عنها لكنها أيضا شبه تتورط بمرور الأيام معه ومع أسرار عائلته الغريبة !!! 
رفعت يديها ووضعتها فوق وجهها و أخذت تتنفس ببطء إلى أن هدأت تماما و قررت مواصلة ما بدأته منذ قليل مع سامح و لن تتركه تلك المرة إلا بالقضاء على أثره قادت السيارة إلى شركة آل الجندي و اتجهت إلى مكتب سليم مباشرة !!!!
طرقت الباب ثم دلفت فور أن أذن لها و ابتسمت بهدوء تقول فور أن دلفت 
ممكن آخد من وقتك ش .آآ
قطعت كلماتها حين وجدته يجلس فوق المقعد المقابل له فوق منضدة الاجتماعات الصغيرة بينما وقف سليم و اتجه إليها يقول ببهجة واضحة 
دا الوقت كله ملكك ! إيه النور دا !!!
ابتسمت له بهدوء و رفعت خصلاتها خلف أذنها بتوتر طفيف ثم أردفت 
أنا كنت جاية أقولك إني فاضية النهاردة لو حابين تنزلوا !
كان وجهها واضح عليه الإرهاق بشكل ملحوظ و عينيها التي تحاول تهريبها منه تكاد تتحدث و تقول أنها لم تكف عن البكاء منذ الصباح مما دفعه إلى التساؤل بدهشة 
أنت بخير كنت معيطة ياسديم !!
هزت رأسها بالسلب و قالت بهدوء متعمدة تجاهل عينيه الثابتة فوقها بالرغم أنها تتحدث إلى سليم إلا أنها تشعر بعينيه وكأنها تخترق عظامها و ما زاد الأمر سوء حين وقف و
 

تم نسخ الرابط