رواية لمن القرار بقلم سهام صادق_الفصل التاسع عشر إلى الفصل الرابع والعشرون_
المحتويات
المرأة العجوز.. تلك التي تعد زوجة أبيه ولكن هي من ربته واعتنت به وهو صغير
اللي كانوا قبلك مشيوا ومستحملوش عصبيته.. حبيبي لسا متحامل على نفسه ذنب مۏت مراته..
ترنحت السيدة فاطمة في وقفتها تقص لها بعض المقتطفات من حياته.. حاوطتها ملك بعدما تمالكت دموعها فمن يصدق أن من يثقل الضياع والهموم كاهلها أتت لتساعد أحدهم.. تساعده ليخرج من قوقعته ويؤمن أن الحياة لا بد أن تستمر وعلينا أن نؤمن أن شعاع النور سيشق طريق ظلمتنا يوما
مسحت السيدة فاطمة دموعها وأستجمت أنفاسها تهتف بصوت متحشرج وهي تطالع الخادم الذي انصرف من أمامهم
تعالي ندخل يا بنتي
حدقت بتلك الخطوات الفاصلة بينها وبينه تنظر نحو السيدة فاطمة بهلع.. إنها لا تتحمل صړاخ أحدهما بها.. إنها لا تقوى على تحمل هذا.. أرادت التراجع ولكن سرعان ما كانت نفسها تحادثها
التقطت السيدة فاطمة يدها بعدما شجعتها بأبتسامتها الدافئة
مټخافيش يا بنتي
تأهب في جلسته يستمع لتلك الخطوات القادمة نحوه.. لقد أخبره خادمه بقدوم تلك المرافقة التي أتت لتخرجه من حالته تلك وتعطيه دروسا في الأمل نحو الغد مع تلك الأحاديث البارعين فيها علماء النفس وكأنه لم يكن بارع في قراءة تلك الأنواع من الكتب ذات يوم
صباح الخير يا جسار.. عمل إيه بس كامل عشان تزعق فيه كده
حضرته جايبلي عصير بدل القهوة..
أنا اللي طلبت منه كده
هتفت بها ملك تنظر نحوه بترقب تنتظر ردة فعله.. التوت شفتاه في استنكار يستند بساعديه على سطح مكتبه
سامع صوت غريب معاكي يا ماما
ديه المرافقة الجديدة يا جسار..قربي يا ملك ياحببتي
استرسلت السيدة فاطمة بمزايا ملك ومؤهلاتها وملك وقفت تترصد ملامحه المتهجمة وهو يستمع لحديث والدته عنها
جيبالي مدرسة أطفال تهتم بيا.. وعلى كده مهمتها تحايل فيا عشان أشرب الدوا وانا ساكت
وعلى كده هتكافأني إزاي لما اسمع الكلام.. هتديني بوسة على خدي
تعالت شهقتها من وقاحته كما تعالت شهقت السيدة فاطمة تنظر لها تخبرها بعينيها أن لا تتأثر بحديثه فهو يتعمد لإھانتها
جرب وبعدين أحكم يا جسار بيه.. واه أنا فعلا بعامل الأطفال بالمحايله واللين.. وبتقبل تمردهم بصبر لحد ما بنقبل بعض ويفهموا إن وجودي معاهم تبادل منفعة مش فرض عليهم
اطلعي بره.. بره
اتسعت عيناها ذهولا تنظر نحو السيدة فاطمة التي قبضت على يدها تحثها على الصمت
جسار
ماما لو سامحتي اخرجي دلوقتي وأقفلي الباب وراكي
انصاعت السيدة فاطمة لطلبه تغلق باب الغرفة خلفها وقد تعلقت عيناها بتلك التي ترقرت الدموع في عينيها
ده طردني وكأني جايه اطلب حسنته
ربتت السيدة فاطمة على كتفها تخبرها بما سوف تسمعه منه يوميا مدام إختارت العمل هنا
حببتي جسار بيطرد كل الشغالين هنا بنفس الأسلوب والكل بقى يتقبل ده.. الكل بيفتكرله اد إيه كان إنسان جميل وحنين .. أرجوكي حاولي تتقبلي ده ولا أنت رجعتي في رأيك
واردفت تنظر إليها بحنان بعدما رأت التردد في عينيها فلم تعتاد على عمل كهذا يوما.. ملك المرفهة التي لم تواجه صعوبة الحياة وكما اخبرتها ناهد إنها رحمتها من قسۏة الشارع والتربية في دور الأيتام
ده أنا أرتحت ليكي يا بنتي
وهل لديها خيار أخر حتى ترفض ذلك العمل والمأوي
ابتلعت تلك الغصة التي عاد ټقتحم فؤادها وصوت ناهد يتردد في أذنيها بقسوته
أبعدي عن حياتنا.. روحي مدينة تانية لا حد يعرفنا فيها ولا يعرفك
..........
طالعها الجد عظيم بعدما أعطته حبة الدواء.. إنه يشفق عليها وعلى تلك القوقعة التي تعيش فيها.. يعلم أن هناك من في أعمارها أكثر نضجا منها ولكن الحياة هي من تعلم المرء النضج وكما يظهر له منها إنها عانت حتى في منزل والديها.. هناك الكثير من الفقراء ولكن إذا نظرت لأولادهم تشعر بشبعهم وقوتهم ولكن كحال فتون الأهل يعيشون في نفس الحقبة التي عاش فيها والديهم بل وأجدادهم
أهلك عارفين إن حسن كان مشغلك خدامة
ارتعش كفها وهي تلتقط منه كأس الماء بعدما أرتشف منه القليل
لا يا بيه
وليه مقولتيش ليهم
اطرقت عيناها أرضا تتذكر ټهديد حسن إليها وضربه لها
كان بيضربك
اغمضت عيناها بقوة تتذكر ما نالته تحت يديه وكيف جعلها ضعيفة مکسورة
لو كنتي قولتي لأهلك اللي بيعمله فيكي مكنش فضل يضربك ويهينك .. الأهل سند لولادهم يا بنتي حتى لو غلطوا في حقهم
انسابت دموعها على خديها تتذكر ما كانت تخبرها به والدتها
كل الرجالة بټضرب ستاتهم .. لازم تسمعي الكلام وهو لما يلاقيكي مطيعة وبتسمعي كلامه مش هيضربك.. فتون الست لما بتطلق مبيكونش ليها عوزة
إمسحى دموعك يا فتون.. وأسمعيني كويس
رفعت عيناها نحوه فرمقها الجد بنظرة حانية
بعد ما سليم يديكي ورقة طلاقك من جوزك لازم تروحي بلدك.. أهلك لازم يكونوا عارفين حياة بنتهم وصلت لأيه ولفين.. حفيدي ممكن يساعدك بالفلوس لكن ما يقدرش يقدم ليكي أكتر من كده..
طالعته پصدمة توقعها هو .. ف الفتاة لا تريد مفارقة حفيده وكأنها ربطت حياتها به ومعه... السيد سليم أخبارها بذلك ولكنها لم تحب تلك الفكرة.. إنها تريد أن تظل خادمته
بس أنا مش عايزه أسيب سليم بيه.. سليم بيه حنين وبيعاملني كويس ووعدني إنه هيساعدني اكمل تعليمي وأنجح
حفيدي مدام وعدك إنه يساعدك.. هيساعدك يا بنتي بس لازم تعرفي إن طريقك اللي هيبدء.. هيكون من غيره زي ما هيكون من غير حسن
تعلقت عيناها بعينين الجد وقد أيقن إنها تجهل مشاعرها نحو حفيده وهذا في صالحها.. فهل حفيده سيربط مصيره بخادمة كانت زوجة سائقه
كلمي اهلك يا فتون عشان قريب هتمشي من هنا
والكلمة أخترقت أذنيها لقد اقترب موعد رحيلها الذي لم تحسب موعده
........
بعقد زواج عرفي كانت توقعه تلك التي جاورته على الأريكة في تلك الشقة التي استأجرها
مكنش ليها لزوم الورقتين دول يا بيه.. ما أنت عارف أهم حاجة الفلوس في شغلنا
طالعها سليم بعدما تناول منها الورقتين ينظر إليها بتقزز وهي تمضغ تلك العلكة
صوتك مش عايز اسمعه مفهوم...وياريت ترمي اللي ف بؤك صدعتيني
خلقك ضيق يا بيه..
بصقت العلكة من فمها مما زاده تقزز فاردفت بتسأل بعدما تذكرت المبلغ المالي الذي أخبرها به
هو صحيح هتديني المبلغ ده يا بيه
اجتذب يدها نحو الغرفة بعدما ضجر من حديثها.. كانت أبشع تجربة يلقي نفسه فيه.. أراد أن يجرب ذلك النوع.. أراد أن يرى تلك المتعة التي كان يحصل عليها صفوان النجار.. حاول أن ينغمس في تلك القبلات.. يتخيل التي بين يديه خادمته الصغيرة ولكنه لم يشعر إلا بالخواء
مالك يا بيه.. هو انت طلعت منهم ولا أيه
رمقها بنظرة قاټلة بعدما وقف يمسح على وجهه.. لم يعد يفهم حاله لم يعد يعرف ماذا يريد.. تلك النظرة التي تطالعه بها ټقتحم عقله وتتوغل في أعماقه.. لقد أحب تلك الصورة.. صورة البطل.
هي الليلة أنضربت ولا إيه
احتدت عيناه يطالع تلك
متابعة القراءة